على أن فكرة (أصول الأحاديث الضعيفة) لم يكن منشؤها كتاب ابن بدر الموصلى قط، بل كنت قد هممت بإدراج بعضها في عمل آخر يشتمل على جملة من الفوائد الحديثية والأقوال المأثورة والأدعية والمواعظ والأحكام المتناثرة - حَسْب ما يفتح به الله عَزَّ وَجَلَّ - لكننى تراجعت عن ذلك، وآثرت إفراد هذه الفكرة في تصنيف مستقل مع إصداره في أقسام لأنَّ استيعاب جميع هذه الأحاديث ذات الأصول أمر يشبه المحال مع ما يقتضيه من المشقة الشديدة والبحث الدؤوب المتواصل.
وجعلت شرطى في هذا الكتاب أن يصح السند إلى القائل الحقيقى للحديث غير الصحيح (سواء أكان ضعيفًا أو واهيًا أو موضوعًا أو لم يوقف له على أصل ألبتة)، وقد أتجاوز عن هذا الشرط في بعض المواطن لاعتبارات معينة كأن يحتمل وجود متابع أو شاهد للسند الَّذي أوردت الموقوف من طريقه، أو لجزم بعض أهل العلم بأنه الأشبه، أو لاكتشاف مطعن في إسناده بعد الفراغ من تخريج طرقه المرفوعة وبيان ما فيها، فلم أشأ حذفه بعد ذلك.
وكل هذا قليل بل نادر، وهو خلاف الأصل في هذا الكتاب والحقيقة أن هذه الفكرة مشابهة ومكملة - بل ومتداخلة - مع فكرة (البدائل المستحسنة) التي وفقنى الله عَزَّ وَجَلَّ لإِصدار القسم الأول منها (١: ٢٥) إلا أننى لم يكن مقصدى هناك استقصاء صحة نسبة الحديث الضعيف إلى أحد من السلف، ولكن أحيانًا يكون بديله الصحيح ثابتًا بمعناه عن أحدهم كما في حديث:"الأذان سهل سمح ... " فمعناه ثابت عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله - خامس الخلفاء الراشدين - مقطوعًا عليه.