"فإن ذكروا ما روى عن ابن عباس والنخعى أن من ترك من نسكه شيئًا فليرق دمًا، قلنا: أنتم أول من خالف ذلك لأنكما تجعلون في أكثر ذلك صدقة لا دمًا، ولا عجب أعجب ممن يحتج بشيء يراه حقًّا، ثم هو أول مخالف له .. " إلخ.
الثانى: أن صَاحبى كتاب "تجريد أسماء الرواة الذين تكلم فيهم ابن حزم جرحًا وتعديلًا" أوردا: "أحمد بن علي بن سهل المروزي"(٦)، فأحالا على "اللسان"(١/ ٢٢٢)، ولم يذكرا موضع ذكره من "المحلى"، وهذا يدل على أنهما لم يجداه فيه.
الثالث: أن في إسناد الحديث أيضًا: علي بن الجعد - وهو الجوهرى أحد الحفاظ الأثبات -، وقد لينه ابن حزم (٥/ ٢٢٦)، فقال:"على بن الجعد ليس بالقوى"، فلو كان الحديث في "المحلى" لكان الظاهر أن يعله به ابن حزم أيضًا في غير الموضع الأول بطبيعة الحال.
(أما) إعلال ابن حزم الحديث بعلي بن أحمد المقدسى فلا غبار عليه، فإنى لم أجد للمقدسى هذا ترجمة فيما بين يَدَيَّ من كتب الرجال، وفات الحافظ إيراده في "اللسان" مع أنَّه حكى تجهيل ابن حزم له كما تقدم. أما تجهيله لأحمد ابن علي بن سهل، فهو بناء على عادته فيمن لا يعرفهم - كما قال الحافظ في بعض من جهلهم ابن حزم، كابن حسنويه في الحديث الرابع والسبعين - وإلا فالرجل ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد"(٤/ ٣٠٤)، وقال:"روى عنه عبد الله بن جعفر بن الورد المصري، و ... ، و ... ، و ... ، و ... أحاديث مستقيمة". فالبلية - في رفع هذا الحديث - ممن دون على بن الجعد، فقد رواه عن سفيان الثورى - لا سفيان بن عيينة - موقوفًا، لا مرفوعا كما يأتى. ولعل هذا المقدسى - أو غيره - وجدا الأثر عن على عن سفيان، فظنه ابن عيينة، ثم رفعه وهمًا أو عمدًا، فالله أعلم، وهو - تعالى - حسيبنا.