ابن عباس، ومسلم ثقة حافظ لكن الوهم لا ينفك عنه بشر، لا سيما والجادة هى رواية ابن جبير عن ابن عباس، ثم وجدته في "الأخلاق" لأبى الشيخ (ص ١٥٠) من طريق مسلم عن حماد به على الصواب. على أن الحمل على فرقد أولى لأنه ضعيف كما تقدم.
(والصحيح) عن سعيد بن جبير وقف الحديث على ابن عمر رضى الله عنهما، فقد رواه ابن أبى شيبة أيضًا عن وكيع قال: ثنا سفيان عن منصور عن سعيد بن جبير عنه: "أنه كان يدهن بالزيت عند الإِحرام". وإسناده صحيح غاية، وهو على شرطهما. ثم وجدته اليوم عند البخارى (١٣٥٧) - بزيادة -، فرواه عن محمد بن يوسف (وهو الفريابي) حدثنا سفيان عن منصور عن سعيد بن جبير قال: "كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يدهن بالزيت" فذكرته لإِبراهيم (القائل: منصور) قال: ما تصنع بقوله؟ حدثنى الأسود عن عائشة رضى الله عنها قالت:"كأنى أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو محرم".
ثم روى (١٥٣٩) من طريق الإمام مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها قالت: "كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإِحرامه حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت". وهو في "الموطأ"(١/ ٣٢٨) وقال الحافظ في "الفتح"(٣/ ٤٦٥) - عند قوله في الأثر "يدهن بالزيت": "أى عند الإِحرام بشرط أن لا يكون مطيبًا، كما أخرجه (١٩) الترمذى من وجه آخر عنه مرفوعًا، والموقوف عنه أخرجه ابن أبي شيبة وهو أصح، ويؤيده ما تقدم في كتاب الغسل من طريق محمد بن المنتشر أن ابن عمر قال: "لأن أطلى بقطران أحبُّ إليَّ من أن أتطيب ثم أصبح محرمًا". وفيه إنكار عائشة عليه، وكان ابن عمر يتبع في ذلك أباه فإنه كان يكره استدامة الطيب بعد الإِحرام كما سيأتى، وكانت عائشة تنكر عليه ذلك. وقد روى سعيد بن منصور من طريق عبد الله
(١٩) واستدل على هذا الشرط- عفا الله عنه- دون أن يبين ضعف رواية الترمذي وإعلالها بفرقد مع مخالفته للثقات. فقد يفهم البعض من قوله: "وهو أصح" أنها ثابتة.