كذاب" قلت: فالرجل ضعيف جدًا -على أحسن أحواله-، وياليتنى ظفرت بإسناد الديلمى كله، فقد يكون في الطريق إليه ما يوجب التوقف عن إلصاق البلاء به. أما الإِعلال بشبابة بن سوار، وورقاء بن عمر المدائنيين فغير جيد ولا صحيح، فإنهما ثقتان حافظان، قد يهمان في الشئ بعد الشئ كسائر البشر، وإنما تُكلم في رواية ورقاء عن منصور خاصةً، والمناوى -عفا الله عنه- لم يبين لنا عمن رواه. هذا، وقد اختصر الحافظ كلام الحاكم في شيخه ابن حسنويه، فلينظر بتمامه في "الأنساب" (٢/ ٢٢٢ - ٢٢٣) و "تاريخ دمشق" (٢/ ٢١ - ٢٢).
(أما) هذا المتن، ففيه صنعة ظاهرة، وقوله: "فمن صلى ولم يرفع يديه فهى خداج"، يذكرنى بحديث: "من رفع يديه في الصلاة، فلا صلاة له"! الذى وضعه أحد متعصبى الحنفية أخزاه الله. وقاتل الله العصبية والاحتراق اللذين صيَّرا كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألعوبة في أيدى وأرجل هؤلاء الحمقى، ومضغة في أفواههم. على أن الإِشارة في الصلاة عند الركوع والرفع منه والقيام من التشهد الأول سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من أنكرها فكأنما أنكر الشمس في رابعة النهار، ومن تركها فاته خير كثير، وحسبه مخالفته لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "صلوا كما رأيتمونى أصلى". وقوله: "من توضأ كما أمر، وصلى كما أمر، غفر له ما قدَّم من عمل" صححه ابن حبان.
(أما) الشطر الأول من هذا الحديث، فإنما هو ثابت من قول ثابت بن أسلم البنانى التابعى الجليل الزاهد صاحب أنس رضى الله عنه، فقد روى ابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (١٤) والبغوى في "الجعديات" (١٤٣٣، ١٤٣٤) - إلا أنه فرقه على الموضعين بتقديم وتأخير- وأبو نعيم (٢/ ٣٢٠) من طرق عن سيار عن جعفر بن سليمان قال: سمعت ثابتًا يقول: الصلاة خدمة الله في الأرض، ولو علم شيئًا أفضل من الصلاة، ما قال:{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}. وإسناده حسن. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤٥٥: آل عمران) من طريق عبد الله بن أبي بكر