" ... والهجرى هذا ضعيف وقد ورد عنه موقوفًا على ابن مسعود وأخرجه البيهقي أيضًا وقال: "إنه المحفوظ". قلت: لكن الظاهر أنه ورد من غير طريق الهجرى، فقد أورده الهيثمى في "المجمع" (٨/ ١١٣) باللفظ المذكور أعلاه وقال: "رواه أحمد والطبرانى، ورجال الطبراني رجال الصحيح". والهجرى ليس من رجال الصحيح، فدل على أن الطبراني رواه من طريق غيره، فتقوى الحديث به لا سيما وأن له شاهدًا، فقد جاء الحديث في الكشاف وقال مخرجه الحافظ العسقلانى (٤/ ١٨ رقم ١٤٥): "رواه ابن مردويه من حديث سمرة بن جندب، ومن حديث أبي موسى الأشعرى نحوه، ورواه أحمد والبخارى في "الأدب الفرد" من وجهين عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود. قلت: هو عند البخارى (ص ١٨٤) من طريق عبد الملك عن أبي الأحوص موقوفًا، وهو عند أحمد من طريق الهجرى مرفوعًا كما تقدم، وصنيع الحافظ يوهم أنهما أخرجاه كلاهما موقوفًا أو مرفوعًا وليس كذلك. وبالجملة فالحديث حسن أو صحيح. والله أعلم" اهـ.
أقول: قلبت "مسند ابن مسعود" من "المعجم الكبير" من أوله إلى آخره، فلم أجد فيه الحديث، ولا أورده محققه حفظه الله في مظانه من الفهرس: "إياكم، اتقوا، اجتنبوا". ولم يعزه السيوطى في "الدر" (٢/ ٣١٩) إلى الطبراني في أيٍ من "معاجمه" مرفوعًا، وإنما عزاه إليه في "تفسيره" موقوفًا. أما حديث ابن مردويه عن سمرة، فقد رواه أيضًا البيهقي في "الشعب" كما في "الدر" فلعل مخطوطته لم تكن في متناول الشيِخ وقتئذ. وقد علمت أنه لا يصلح شاهدًا بحال، فإنه -على ما في إسناده من الجهالة- معلول بالمخالفة مع الوقف. وأما حديث أبي موسى، فإسناده متيسر النظر فيه في "ابن كثير" و "العلل" كما تقدم. وهو واه، حكم أبو حاتم ببطلانه والمقصود أن الشيخ عفا الله عنه قد خالف -في هذا الموضع- منهجه الدقيق الذى تعلمناه منه -جزاه الله عنا وعن سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيرًا-، فاعتمد على عزوٍ وإطلاقات ووسائط مما لا يحسن من مثله. وكان