قلت: لم أطلع على سنده في "الثواب" لأنَّه ليس بمتناول الأيدى الآن، ولكن رواه ابن أبي عاصم في "الزهد"(٤٨) وابن أبي الدنيا في "الصمت"(٥٥٦) من نفس الطريق المتقدمة المحكوم بوضعها - عن أَنس موقوفًا.
وروى هناد (١١٣٠) من طريق الوصافى عن العوام عن الحسن مرفوعا مرسلًا بعضه، ولفظه:"أول العبادة الصمت". وهذا أوهى مما قبله من وجهين:
الأول: أن فيه - مع العوام - عبيد الله بن الوليد الوصافى وهو واهٍ.
الثانِى: أنَّه مرسل ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل عندهم على الراجح، فإن بعضهم قواها.
وقال ابن أبى حاتم في "علل الحديث"(٢/ ١١٤): "سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حسان عن أبي معاوية الضرير ... "(فذكره). قال أبي: إنما يروى عن الحسن فقط. وقال بعضهم: الحسن عن أَنس قوله.
قلت: وأيضًا لم أقف عليه عن الحسن من قوله إلى الآن، وأما عنه عن أَنس فلم أجده إلا بالسند المتقدم ذكره. وإنما (صح) عن الثورى ووهيب بن خالد - رحمهما الله - أنهما نسباه إلى عيسى بن مريم عليهما السلام بنحوه.
١ - فروى هناد (١١٣١، ٥٩٤) عن قبيصة عن الثورى قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: "أربع هن عجب، ولا يحفظن إلا بعجب: الصمت، وهو أول العبادة، وذكر الله على كل حال، والتواضع، وقلة الشيء". وإسناده صحيح.
٢ - وروى ابن المبارك في "الزهد"(٦٢٩) وعنه أبو نعيم (٨/ ١٥٧) قال: أخبرنا وهيب قال: قال عيسى بن مريم: "أربع لا تجتمع في أحد من الناس إلا بعجر، أو: إلا يعجبه: الصمت، وهو أول العبادة، والتواضع لله، والزهادة في الدنيا، وقلة الشيء". وإسناده صحيح أيضًا. فهذا من الإِسرائيليات التي أذن لنا في التحديث بها - ولا حرج - بغير تصديق ولا تكذيب. والله أعلى وأعلم.