يحتمل تفرد مثله بهذا المتن عن حافظ كبير كعبد الله بن دينار المدنى - دون كبار أصحابه الثقات كمالك وشعبة والسفيانين وعبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة، بل مَنْ دون هؤلاء كمحمد بن عجلان (٩٤) وسهيل وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار. وقال العلامة الألباني حفظه الله:"والحديث رواه الإِمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٨٦/ ٨) أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول: فذكره بأتم منه من قول عيسى عليه السلام، وقد مضى قريبًا (٩٠٨). وهذا هو اللائق بمثل هذا الكلام أن يكون مما يرويه أهل الكتاب عن عيسى عليه الصلاة والسلام، وليس من حديث نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم" اهـ.
قلت: قد عزاه جماعة من السلف، من التابعين فمن بعدهم إلى عيسى عليه السلام، (ووقفت) في ذلك على خمسة آثار:
الأول: رواه أحمد في "الزهد"(ص ٥٦) وعنه أبو نعيم (٦/ ٥٨) من طريق صالح المرى عن أبي عمران الجونى عن أبي الجلد أن عيسى بن مريم عليه السلام أوصى الحواريين لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله عز وجل فتقسو قلوبكم، وإن القاسى قلبه بعيد من الله عز وجل ولكن لا يعلم ولا تنظروا إلى ذنوب الناس كأنكم أرباب ولكنكم (كذا) انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد والناس رجلان: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء في بليتهم، واحمدوا الله على العافية". وإسناده واه، صالح المرى وابن بشير البصرى القاضى وهو متروك شديد الضعف.
الثانى: رواه ابن أبي عاصم في "الزهد" (٥٣) من طريق أبي سنان عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: "أقلوا الكلام إلا بذكر الله، فإن كثرة الكلام تقسى القلب". وإسناده جيد، وإبراهيم أدرك بعض الصحابة فهو تابعى، لكن روايته عن الصحابة منقطعة حاشا ابن مسعود، فإنها صحيحة
(٩٤) التحقيق في ابن عجلان يقضى بأنه ثقة مطلقا، لكنه دون ذلك في سعيد المقبرى ونافع خاصةً، إلا أن تثبت مخالفته أو اضطرابه فيهما. وسهيل ثقة كذلك إلا أنه في التثبت دون مالك وشعبة ومن ذكر معهما.