قلت: أخشى ما أخشاه أن يكون تمام كلامه رحمه الله يتضمن عزوه إلى "المجالسة" للدينورى، فقد وجدناه يقول مرارًا:"وفي سادس المجالسة للدينورى ... " أو: "وهو في سابع عشر المجالسة". ونحو هذه العبارات. فإن الدينورى - واسمه أحمد بن مروان المالكى- رماه الدارقطني بالوضع.
نعم، قال مسلمة بن القاسم الأندلسى:"وكان ثقة كثير الحديث" كما في ترجمته من "اللسان"(١/ ٣١٠، ٣٠٩) ولكن مسلمة لا يوثق به، فانظر ترجمته من "السير"(١٦/ ١١٠). ولو كان ثقة لكان قول الدارقطني مقدمًا على قوله، فإن الدارقطني أقعد بهذا الفن منه، وهو إمام كبير في معرفة العلل والرجال، ثم إن جرحه مفسر واضح لا لبس فيه ولا غموض.
والذى دعانى إلى الارتياب في ثبوت هذا الكلام عن أمير المؤمنين ورابع الراشدين على، أننى فتشت كثيرًا في كتب الزهد والرقائق أثناء شروعى في تصنيف كتاب "الدرر المنثورة في آثار واهية مشهورة" -يسر الله خروجه- فما مر عَلَىَّ هذا الأثر حتى في أكثرها جمعًا للغث والثمين كـ "حلية الأولياء" و "تاريخ دمشق" - ترجمة على بن أبي طالب - وما هو في "مصنف ابن أبي شيبة" و "طبقات ابن سعد" ولا "الرسالة القشيرية"، ولا في ترجمة على من "تاريخ الإِسلام" للذهبى و "تاريخ الخلفاء" للسيوطى.
وما هو في "الزهد" لأحمد ولا وكيع ولا هناد ولا ابن المبارك ولا ابن أبي عاصم ولا البيهقي فمن وقف عليه عن على بإسناد، فليتحفنا به، جزاه الله خيرًا وغفر له.
وإنما (وقفت) عليه -مسندًا- عن كل من: سفيان الثورى، وسهل بن عبد الله التسترى الزاهد.
١ - فروى أبو نعيم (٧/ ٥٢) من طريق أحمد بن يونس ثنا المعافى بن عمران قال: سمعت سفيان الثورى يقول: "الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا". وإسناده صحيح.