القول الثاني: حصول التحلل الأول بفعل اثنين من الثلاثة: الرمي، والحلق أو التقصير، والطواف بالبيت.
هذا مذهب الشافعية، والصحيح المشهور في مذهب الحنابلة.
قال ابن قدامة: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُحْرِمَ، إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ حَلَقَ، حَلَّ لَهُ كُلُّ مَا كَانَ مَحْظُورًا بِالْإِحْرَامِ، إلَّا النِّسَاءُ.
هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، فَيَبْقَى مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ، مِنْ الْوَطْءِ، وَالْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ، وَيَحِلُّ لَهُ مَا سِوَاهُ.
هَذَا قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةَ، وَعَلْقَمَةَ، وَسَالِمٍ، وَطَاوُسٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. (المغني).
أ-لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت (طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي هاتين، حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يطوف، وبسطت يديها) متفق عليه.
وجه الدليل من الحديث يتبين من تراجم أهل العلم، وشروحهم له:
فقد ترجم الإمام البخاري له بقوله (باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة).
وترجم له إمام الأئمة ابن خزيمة بقوله (باب إباحة التطيب يوم النحر بعد الحلق، وقبل زيارة البيت ضد قول من زعم أن التطيب محظور حتى يزور البيت).
وترجم الإمام ابن حبان له بقوله (باب ذكر الإباحة للمحرم إذا أراد طواف الزيارة أن يتطيب بمنى قبل إفاضته).
وترجم الإمام الترمذي له بقوله (باب ما جاء في الطيب عند الإحلال، قبل الزيارة … " ثم ساقه.
وقال ابن خزيمة موجها لذلك: " وفي أخبار عائشة (طيبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحله قبل أن يطوف بالبيت) دلالة على أنه إذا رمى الجمرة، وذبح، وحلق، كان حلالا، قبل أن يطوف بالبيت، خلا ما زجر عنه من وطء النساء، الذي لم يختلف العلماء فيه أنه ممنوع من وطء النساء، حتى يطوف طواف الزيارة.