قَالَ الْعُلَمَاء: مَدَار الْبُطْلَان بِسَبَبِ الْغَرَر. وَالصِّحَّة مَعَ وُجُوده عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهُنَّ إِنْ دَعَتْ حَاجَة إِلَى اِرْتِكَاب الْغَرَر وَلَا يُمْكِن الِاحْتِرَاز عَنْهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ وَكَانَ الْغَرَر حَقِيرًا جَازَ الْبَيْع وَإِلَّا فَلَا. (شرح مسلم).
وقال ابن القيم: ليس كل غرر سبباً للتحريم، والغرر إذا كان يسيراً أو لا يمكن الاحتراز منه لم يكن مانعاً من صحة العقد.
(بيع الحصاة).
أي: ومن البيوع المحرمّة: البيع الذي استعملت فيه الحصاة. (أو البيع المنسوب إلى الحصاة).
وهو بيع حرام، لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ (نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ اَلْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ اَلْغَرَرِ) رَوَاهُ مُسْلِم.
- معناه:
أن يقول البائع للمشتري: ارم هذه الحصاة، فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا.
أو يقول له: ارم هذه الحصاة، فحيث وقعت من الأرض فهي لك بكذا.
وهذه أقوال بعض العلماء في تفسير الحصاة:
قال النووي: أَمَّا بَيْع الْحَصَاة فَفِيهِ ثَلَاث تَأْوِيلَات:
أَحَدهَا: أَنْ يَقُول: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَاب مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْحَصَاة الَّتِي أَرْمِيهَا، أَوْ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَرْض مِنْ هُنَا إِلَى مَا اِنْتَهَتْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْحَصَاة.
وَالثَّانِي: أَنْ يَقُول: بِعْتُك عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ إِلَى أَنْ أَرْمِي بِهَذِهِ الْحَصَاة.
وَالثَّالِث: أَنْ يَجْعَلَا نَفْس الرَّمْي بِالْحَصَاةِ بَيْعًا، فَيَقُول: إِذَا رَمَيْت هَذَا الثَّوْب بِالْحَصَاةِ فَهُوَ مَبِيع مِنْك بِكَذَا.
وقال القرطبي: اختُلف فيه على أقوال:
أولها: أن يبيعه من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة.
وثانيها: أيُّ ثوب وقعت عليه الحصاة فهو المبيع.
وثالثها: أن يقبض على الحصى، فيقول: ما خرج كان لي بعدده دراهم أو دنانير.
ورابعها: أيُّ زمان وقعت الحصاة من يده وجب البيع. فهذا إيقاف لزوم على زمن مجهول.
وهذه كلها فاسدة لما تضمنته من الخطر، والجهل، وأكل المال بالباطل.