حدَّثَ من حفظِه؛ لأنَّه إنْ حدَّثَ من أصلٍ صحيحٍ لا يردُّ، إذْ لا عبرةَ بكثرةِ سهوِه حينَئذٍ؛ لأنَّ الاعتمادَ علَى الأصلِ لا علَى حفظِه، (قَالَ جَمَاعَةٌ) من العلماءِ (كُبَرْ) بضمٍّ ففتحٍ؛ كالإمامِ أحمدَ، وابنِ المباركِ، والحميديِّ -رحمهم الله-، (وَمَنْ) شرطيَّةٌ (يُعَرَّفْ) من التَّعريفِ، (وَهْمَهُ) بسكونِ الهاءِ، أي: غَلَطَه، (ثُمَّ) بعدَ أنْ يُبَيَّنَ لهُ، (أَصَرّ) أي: ثَبَتَ علَى غلطِه.
٣٢٢ - يُرَدُّ كُلُّ مَا رَوَى وَقَيَّدَا … [بِأَنْ يُبِينَ عَالِمٌ] وَعَانَدَا
[٣٢٢] (يُرَدُّ كُلُّ مَا رَوَى).
وحاصلُ المعنَى: أنَّ مَنْ بُيِّنَ لهُ غلطُه في حديثٍ ولو مرَّةً واحدةً، فأصرَّ علَى روايتِه ولم يرجِعْ، سقطَتْ رواياتُه كلُّها، (وَقَيَّدَا) والألفُ للإطلاقِ، أي: قَيَّدَ ما قالَه هؤلاءِ الأئمَّةُ بعضُ المتأخِّرينَ، (بِأَنْ يُبِينَ) من الإبانةِ، وهوَ الإظهارُ، أي: يُظهِرَ لهُ وَهْمَه، (عَالِمٌ) بالفنِّ عندَ ذلكَ الواهمِ، (وَعَانَدَا) بألفِ الإطلاقِ، أي: خالَفَ.
وحاصلُ المعنَى: أنَّهُ إنَّما يردُّ بالمعاندةِ إذا بيَّنَ لهُ عالمٌ بالفنِّ عندَه، فلم يرجِعْ، وأمَّا إذَا لم يثبُتْ عندَه أهليَّةُ الرَّادِّ فلا؛ لأنَّ المعاندَ كالمستخفِّ بالحديثِ بترويجِ قولِهِ بالباطلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute