للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثانيًا: تزلف بعض العلماء للسلطة وإخضاع الدين لهواها طمعًا في المال والمناصب] (١).

ومن جملة الأسباب التي يتسبب عنها ترك الإنصاف ويصدر عنها البعد عن الحق وكتم الحجة وعدم ما أوجبه الله من البيان: حب الشرف والمال اللذين هما أعدى على الإنسان من ذئبين ضاريين، كما وصف ذلك رسول الله (٢)، فإن هذا هو السبب الذي حرَّف به، أهل الكتاب كُتب الله المنزلة على رسله، وكتموا ما جاءهم فيها من البينات والهدى كما وقع من أحبار اليهود، وقد أخبرنا الله بذلك في كتابه العزيز، وأخبرنا به رسول الله في الثابت عنه في الصحيح، وبهذا السبب بقي من بقي على الكفر من العرب وغيرهم بعد قيام الحجة عليهم وظهور الحق لهم وبه نافق من نافق ووقع في الإسلام من أهل العلم بذلك السبب عجائب مودعة بطون كتب التاريخ، وكم من عالم قد مال إلى هوى ملك من الملوك فوافقه على ما يريد وحسَّن له ما يخالف الشرع، وتظهر له بما ينفق لديه من المذاهب، بل قد وضع بعض المحدثين للملوك أحاديث عن رسول الله كما وقع من وهب بن وهب البختري (٣) مع الرشيد


(١) راجع ص ١١٣ من هذا الكتاب وما بعد، قارن بالمقبلي، العلم الشامخ ص ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) لفظ الحديث: "ما ذئبان ضاريان (وفي رواية جائعان) باتا في غنم بأفسد لها من حب ابن آدم الشَّرف والمال".
رواه الترمذي (٢٣٧٦)، أحمد ٣/ ٤٥٦ - ٤٥٧، ٤٦٠؛ مجمع الزوائد ١٠/ ٢٥٠، الطبراني ١٠/ ٣١٩ (١٠٧٧٨)، ١٩٥/ ٩٦، وقد شرح هذا الحديث ابن رجب الحنبلي، في رسالة، أوردها ابن عبد البر كاملة في: جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٦٧ - ١٨٣.
(٣) هو أبو البختري وهب بن وهب بن كبير بن عبد الله بن زمعة من بني المطلب بن أسد بن عبد العزى، قاض من العلماء له معرفة بالأخبار والأنساب متهم بوضع =

<<  <   >  >>