بعد عقدة حتى تصفو وتذهب ما تكدرت به فطرته ويدخل إلى الحق من أبوابه بحسب استعداده وبقدر فهمه.
[سادسًا: إصرار البعض على التمسك بالخطأ وعدم التراجع عنه بعد معرفتهم للحق والصواب]:
ومن آفات التعصب الماحقة لبركة العلم أن يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي أو يصنف أو يناظر غيره ويشتهر ذلك القول عنه فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق وتبين له فساد ما قاله [ويرجع ذلك لعدة أسباب]:
[أ -[الخوف على سمعته ومكانته العلمية]]
ولا سبب لهذا الإستصعاب إلّا تأثير الدنيا على الدين فإنه قد يسوّل له الشيطان أو النفس الأمارة أن ذلك ينقصه ويحط من رتبته ويخدش في تحقيقه ويغض من رئاسته، وهذا تخيل مختل وتسويل باطل، فإن الرجوع إلى الحق هو يوجب له من الجلالة والنبالة وحسن الثناء ما لا يكون في تصميمه على الباطل بل ليس في التصميم على الباطل إلّا محض النقص له والإزراء عليه والاستصغار لشأنه، فإن منهج الحق واضح المنار يفهمه أهل العلم ويعرفون براهينه ولا سيما عند المناظرة فإذا زاغ عنه زائغ تعصبًا لقول قد قاله أو رأي رآه، فإنه لا محالة يكون عند من يطلع على ذلك من أهل العلم أحد رجلين: أما متعصب مجادل مكابر إن كان له من الفهم والعلم ما يدرك به الحق ويتميز به الصواب، أو جاهل فاسد الفهم باطل التصوّر إن لم يكن له من العلم ما يتوصل به إلى معرفة بطلان ما صمّم عليه وجادل عنه، وكلا هذين المطعنين فيه غاية الشين وكثيرًا ما تجد الرجلين المنصفين من أهل العلم قد تباريا في مسألة وتعارضا في بحث، فبحث كل واحد منهما عن أدلة ما ذهب إليه فجاءا بالمتردية والنطيحة على علم منه بأن الحق في الجانب الآخر، وأن