نفوس أولئك المتعلمين لتلك الدولة والتزامهم بنهجها السياسي وفكرها المذهبي … إلخ. ونتج عن ذلك إرتباط مصلحة "النخبة" المتعلمة بالدولة، ووفّر للسلطة فرصة استيعابهم وإخضاعهم لخدمة مقاصدها كما سهل عليها أيضًا إمكانية قمع تلك النخبة إذا تعارضت غاياتها مع غايات السلطة.
مما أدى إلى عزلة تلك "النخبة" وانفصالها عن الحياة العامة والواقع والمجتمع الذي تنتشر في صفوفه الأمية والجهل والخرافة، فهي (أي النخبة) مشغولة إما بمصالحها الخاصة مثل تولي الوظائف العامة في الدولة أو التدريس والإفتاء .. أو بعكوفها في مجالسها الخاصة أو مجالس العلم على البحث والنقاش في مسائل تاريخية أو أدبية، أو مقولات نظرية عقيمة لا صلة لها بالواقع، ولا ينتج عنها سوى جدلًا لا يتناهى.
[مؤلف هذا الكتاب]
هو شيخ الإسلام القاضي محمد بن علي الشوكاني (١١٧٣ - ١٢٥٠ هـ) العالم الموسوعي المجتهد والمجدد، والمفسر، والمحدث، والفقيه والأصولي والمؤرخ والأديب والشاعر والمحقق والناقد والفيلسوف … إلخ (١).
فهو كما نرى من الأوصاف السابقة التي أطلقها عليه مترجموه وتؤكدها مؤلفاته الكثيرة في كل هذه الفنون أحد أعلام الفكر الإسلامي المعروفين في العصر الحديث، وهو أشهر من أن نترجم له أو نُعَرِّف به في هذه العجالة،
(١) كحالة، معجم المؤلفين ١١/ ٥٣ د. العمري: الإمام الشوكاني مصلحًا، مجلة العربي عدد (٣٠٠) محرم ١٤٠٤ هـ ص ١٢٥ - ١٢٨، د. محمد مصطفى بلحاج التحرر الفكري والمذهبي عند الإمام الشوكاني، مجلة دراسات يمنية، العدد (٤٠) ربيع ١٩٩٠ ص ٢٤٨.