(العلماء) وإحجامها عن أداء مهمتها ورسالتها المنوطة بها والمتمثلة في نشر الوعي والمعرفة، ومقاومة الإنحراف والفساد بكل صوره وأشكاله، وقيادة عملية الإصلاح والتغيير، كونها الفئة الوحيدة القادرة على القيام بهذه المهمة والمؤهلة لها علميًّا وفكريًا.
ويعزو الشوكاني السبب في ذلك:
- إلى جبن بعض العلماء، وخوفهم على حياتهم أو مصالحهم من بطش وإرهاب السلطة أو جماعة التقليد وأصحاب المصالح والنفوذ، لأن أي دعوة أو محاولة للإصلاح والتغيير لا بد أن تصطدم أو تتعارض مع مصلحة هذه الفئات، ولذلك اثرت هذه الطائفة من العلماء السلامة والتزمت السكوت، فأصبح دورها سلبيًا.
- والفئة الأخرى من العلماء قد تُغَلِّبُ مصلحتها وامتيازاتها الذاتية على المصلحة العامة (يطلق الشوكاني على هذه المصالح والإمتيازات: حب الشرف والمال) فيدفعها ذلك لا إلى السكوت فحسب، كما تفعل الفئة الأولى، وإنما إلى التحالف السلطة، لكي تحصل منها على الجاه والأموال والمناصب، وحينئذ لا يصبح دورها سلبيًا فقط، بل تصبح هذه الفئة من العلماء من أكبر العوائق الفكرية والاجتماعية وأشدها خطرًا، لأن مهمتها ودورها لا يقتصر فقط على تسخير فكرها ومواهبها لخدمة السلطة، وإنما تسخر الدين كذلك للسلطة وتخضعه لهواها في سبيل إضفاء الشرعية على استبداد السلطة ومظالمها وتبرير تصرفاتها وقراراتها المخالفة للشريعة، وما دامت مصالح هذه الطائفة مرتبطة بالسلطة، ولأن استمرار مصلحة الفريقين مرهون ببقاء الوضع الراهن (المتخلف) على حاله فإنها لا تتورع عن ممارسة الدَّجل والتضليل على العامة، والوقوف ضد أي محاولة تستهدف الإصلاح والتغيير والعمل على محاربتها وإجهاضها. (انظر ص: ١٠٦ - ١٠٩ - ١١٢، ١١٥، ١٥٦، ١٥٩ - ٢١٥، ٢١٧).