للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أداء دوره ورسالته، فإنه يُرجعُ السبب الكامن وراء هذا الخلل إلى عاملين رئيسيين:

الأول: التقليد والتعصب، للأشخاص والآراء والمذاهب لأنهما (أي التقليد والتعصب) أساس المشكلة ويشكلان العقبة الكبرى في طريق العلم، فهما يشكلان حجابًا كثيفًا أمام العقل يمنعه من الاستفادة من مصادر العلم والمعرفة، وينبع التقليد أو يبدئ من المبالغة في احترام أئمة المذاهب وتمجيد أشخاصهم، مما يؤدي إلى إضفاء هالة من القداسة على آرائهم واجتهاداتهم تدفع المقلد إلى التهيب من التعرض لتلك الأفكار، وتجعل من المستحيل مناقشتها، وتحميصها ونقدها، مما يسبب إلى افتقاد المقلدين لملكة النقد - تدريجيًا - حتى تصل إلى درجة إلغاء دور العقل وشل فاعليته وتعطيل وظيفته في النظر والتفكير واكتشاف السنن والأسباب، والعجز عن إدراك الحقائق ومن ثم يؤدي إلى العجز عن الإبداع والابتكار اللازم للتجديد والتغيير، وكما يدفع التقليد بالمقلدين إلى التمسك الشديد بالرأي أو المذهب الذي يقلدوه ورسوخه في أذهانهم ودفاعهم عنه، وتحزبهم حوله وتعصبهم له فإنه يدفعهم كذلك إلى التسليم المطلق بصحة وصواب ذلك الرأي أو المذهب واعتقادهم باحتكارهم للحقيقة المطلقة، وبأن الحق محصور بهم لا يعدوهم إلى غيرهم، ويسبب جمودهم عليه وعدم الإلتفات إلى ما عداه، فينتهي بهم التقليد إلى الوصول إلى أقصى مراحل التعصب والجمود، وهي مرحلة القبول المسبق، دون تفكير لكل آراء وأفكار مذهبهم، وكذلك إلى الرفض المسبق - ودون تفكير أيضًا - لكل ما يخالفه (ص ٩٠ - ٩١، ١٢٢، ١٣٣ - ١٣٥) (١).


(١) راجع أيضًا: أبو حامد الغزالي معارج القدس، القاهرة (١٩٢٧ م) ص ١٠١؛ أيضًا: الاقتصاد في الاعتقاد، بيروت: دار الكتب العلمية (١٩٨٣) ص ١٠٤ وما بعدها؛ =

<<  <   >  >>