[[الفصل الأول][الأسباب المؤدية إلى التعصب وإلى الخروج عن دائرة الأنصاف]]
واعلم أن أسباب الخروج عن دائرة الأنصاف والوقوع في موبقات التعصُّب كثيرة جدًّا:
[أولًا: أثر البيئة والتنشئة الاجتماعية وقصور العلماء عن أداء رسالتهم]:
فمنها وهو أكثرها وقوعًا وأشدها بلاءً: أن ينشأ طالب العلم في بلد من البلدان التي قد تمذهب أهلها بمذهب معيّن، واقتدوا بعالم مخصوص (١). وهذا الداء قد طبَّق في بلاد الإسلام وعم أهلها، ولم يخرج عنه إلّا أفراد قد يوجد الواحد منهم في المدينة الكبيرة، وقد لا يوجد لأن هؤلاء الذين ألفوا هذه المذاهب قد صاروا يعتقدون أنها هي الشريعة وأن ما خرج عنها خارج عن الدين مباين لسبيل المؤمنين ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)﴾ [الروم: ٣٢]، فأهل هذا المذهب يعتقدون أن الحق بأيديهم وأن غيرهم على الخطأ والضلال والبدعة وأهل المذهب الآخر يقابلونهم بمثل ذلك. والسبب أنهم نشأوا فوجدوا آباءهم وسائر قراباتهم على ذلك ورثه الخلف