فرد من الأفراد إلا وأمكن إدراجه تحت هذه الكلية باجتلاب قضية صغرى سهلة الحصول. تقول مثلًا هذا أمر ليس عليه أمر النبي ﵌، وكل أمر ليس عليه أمره رد، فهذا رد، فلا يبقى فعل ولا قول ولا اعتقاد لم يأت به الشرع إلا وأمكن الاستدلال على رده بهذا الحديث الصحيح.
وهكذا العمل في سائر الكليات والمتحلي بالمعارف العلمية يستغني بمجرد الإشارة والإيقاظ لأن المواد قد حصلت له بما حصّله من العلوم، ومارسه من المعارف، فربما يغفل عن إخراج ما في القوة إلى الفعل، فإذا نُبه على ذلك تنبه. وكان العمل عليه سهلًا والانتفاع بالعلوم يسيرًا.
[وجوب الالتزام بالمدلول الحقيقي للألفاظ، وعدم الانتقال عنه إلى المجاز إلَّا بمسوِّغ شرعي وعقلي](١):
ومن جملة ما ينبغي له تصوره ويعينه استحضاره أن يعلم أن هذه الشريعة المباركة هي ما اشتمل عليه الكتاب والسنة من الأوامر والنواهي والترغيبات والتنفيرات وسائر ما له مدخل في التكليف، من غير قصد إلى التعمية والألغاز ولا إرادة لغير ما يفيده الظاهر، ويدل عليه التركيب ويفهمه أهل اللسان العربي. فمن زعم أن حرفًا من حروف الكتاب والسنّة لا يراد به المعنى الحقيقي والمدلول الواضح فقد زعم على الله ورسوله زعمًا يخالف اللفظ الذي جاءنا عنهما، فإن كان ذلك لمسوّغ شرعي تتوقف عليه الصحة الشرعية أو العقلية التي يتفق العقلاء عليها، لا مجرد ما يدعيه أهل المذاهب والنحل على العقل، مطابقًا لما قد حببه إليهم التعصب، وأدناه من عقولهم البُعد عن الأنصاف فلا بأس بذلك، وإلّا فدعوى التجوز مردوده مضروب بها