ويطبقون ما ورد من فضائل الآل عليهم، وأولاد علي إذ ذاك إنما هم عندهم خوارج لقيامهم عليهم ومنازعتهم لهم في الملك، ولقد كان بنو أمية قبلهم هكذا، يعتقد أهل دولتهم فيهم أنهم هم الآل والقرابة وعصبة رسول الله ﵌، وأن العلوية والعباسية ليسوا من ذلك في ورد ولا صدر بل أطبقوا هم وأهل دولتهم على لعن علي، ولا يعرف لديهم إلّا بأبي تراب والمنتسب إليه والمعظم له ترابي لا يقام له وزن ولا يعظم له جانب ولا تُرعى له حرمة، ثم قامت الدولة العبيدية فانتسبوا إلى علي وسموا دولتهم الدولة العلوية الفاطمية، ثم أفرطوا في التشيع وغالوا في حب علي وبغض كثير من الصحابة واشتغل الناس بفضائل علي ونشرها وبالغوا في ذلك حتى وضع لهم علماء السوء أكاذيب مفتراة، وقد جعل الله ذلك الإمام في غنى عنها بما ورد في فضائله.
[خامسًا: أثر الدولة في فرض المذهب الذي يخدم مصلحتها ويدعم شرعيتها]:
فالناشيء في دولة ينشأ على ما يتظهّر به أهلها ويجد عليه سلفه فيظنه الدين الحق والمذهب العدل ثم لا يجد من يرشده إلى خلافه إن كان قد تظهّر أهله بشيء من البدع وعملوا على خلاف الحق لأن الناس إما عامة: وهم يعتقدون في تلك البدع التي نشأوا عليها ووجدوها بين ظهرانيهم إنها هي الدين الحق والسنّة القويمة والنحلة الصحيحة، وإما خاصة: ومنهم من يترك التكلم بالحق والإرشاد إليه مخافة الضرر من تلك الدولة وأهلها، بل وعامتها، فإنه لو تكلم بشيء خلاف ما قد علموا عليه ونشروه في الناس لخشي على نفسه وأهله وماله وعرضه، ومنهم من يترك التكلم بالحق، محافظة على حظ قد ظفر به من تلك الدولة من مال أو جاه. وقد يترك التكلم بالحق الذي هو خلاف ما عليه الناس استجلابًا لخواطر العوام، ومخافة من نفورهم عنه. وقد يترك التكلم بالحق لطمع يظنه ويرجو حصوله