للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يشتمل على جلب مصلحة أو مصالح عرفها من عرفها وجهلها من جهلها. وكل جزئيّ من جزئيات الشريعة الواردة بالنهي عن أمر أو أمور لابد أن يكون المنهي عنه مشتملًا على مفسدة أو مفاسد تندفع بالنهي عنها. ولمزيد التتبع وكثرة التدبر في ذلك مدخلية جليلة، لا سيما مع استحضار الاستعانة بالله والتوكل عليه والتفويض إليه.

[[وجوب تدبر ومعرفة الكليات الشرعية وإلحاق الجزئيات بها]]

ومما يستعين به طالب الحق ومريد الإنصاف على ما يريده من ربط المسائل بالدلائل والخروج من آراء الرجال المتلاعبة بأهلها من يمين إلى شمال، أن يتدبر الدلائل العامة ويتفكر فيما يندرج تحتها من المسائل بوجه من وجوه الدلالة المعتبرة، فإنه إذا تمرن في ذلك وتدرب صار مستحضرًا لدليل كل ما يُسأل عنه من الأحكام الشرعية، كائنًا ما كان، وعرف معنى قوله ﷿: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨]. ومن أمعن النظر فيما وقع منه من استخراج الأحكام الشرعية من كتاب الله تعالى زاده ذلك بصيرة. كما ثبت عنه "أنه لما سُئل عن [زكاة] (١) الحُمرْ الأهلية فقال: لم أجد فيها إلا هذه الآية الفاذة ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)(٢) فإن في هذا وأمثاله أعظم عبرة للمعتبرين، وأجل بصيرة للمتبصرين، وأوضح قدوة للمقتدين من العلماء المجتهدين. وثبت أنه قال لعمرو بن


(١) زيادة يقتضيها السياق (انظر نص الحديث في الهامش التالي).
(٢) أخرج الطبراني في الكبير؛ عن أبي ثعلبة: "سئل الرسول أفي الحُمر زكاة؟ قال: لا، إلّا الآية الفاذة الشاذة: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ الطبراني ٢٢/ ١٨٩ وقال في مجمع الزوائد (٣/ ٩٩) وفيه سعد بن بشير، وفيه كلام وقد وثق.

<<  <   >  >>