للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد خصص كتابه "البدر الطالع" لتراجم هؤلاء المجتهدين والأئمة، والدفاع عنهم، لأنهم لم ينالوا أي عناية أو اهتمام من علماء المذاهب الأخرى خارج اليمن بسبب نظرة أولئك العلماء الغير صحيحة عن المذهب الزيدي وعلمائه التي تقوم على التقليد كما يقول الشوكاني: "ولا ريب إن علماء الطوائف لا يكثرون العناية بأهل هذه الديار لاعتقادهم في الزيدية ما لا مقتضى له إلا مجرد التقليد لمن لم يطلع على الأحوال، فإن في ديارنا الزيدية من أئمة الكتاب والسنة عدد يجاوز الوصف يتقيدون بالعمل بنصوص الأدلة، ويعتمدون على ما صح من الأمهات الحديثية وما يلتحق بها من دواوين الإسلام المشتملة على سنة سيد الأنام ولا يرفعون إلى التقليد رأسًا، لا يشوبون دينهم بشيء من البدع التي لا يخلو أهل مذهب من المذاهب من شيء منها، بل هم على نمط السلف الصالح من العمل بما يدل عليه كتاب الله وما صح من سنة رسول الله … ولو لم يكن لهم من المزية إلّا التقيد بنصوص الكتاب والسنة وطرح التقليد فإن هذه خصيصة خص الله بها أهل هذه الديار في هذه الأزمنة الأخيرة ولا توجد في غيرهم إلّا نادرًا … " (١).

ولهذا فإن نقد الشوكاني لتلك الفئة من الزيدية لم يأت من موقع معاد للزيدية، وإنما من موقف زيدي بحت، لأن الزيدية التي اتسمت بالعقلانية، وبفتحها الطريق واسعًا أمام العقل كأداة للتفكير والاختيار لا للتسليم والقبول، وتشجيعها للاجتهاد، قد طبع فكرها بالمرونة والتفتح، واتساع الأفق والبراءة من التعصب، وفي المقابل، فقد اتسمت كذلك برفض التقليد وانتقاص المقلدين والأزراء بكل عالم لا يضيف جديدًا (٢). وأيضًا فقد تميز


(١) البدر الطالع ٢/ ٨٣ وانظر أيضًا: قطر الولي على حديث الولي للشوكاني ص ٣٣٩؛ أدب الطلب ص ١٥٦.
(٢) د. عبد العزيز المقالح/ قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة ص ٢٢، ٣٠.

<<  <   >  >>