وتحتوي مؤلفات هؤلاء العلماء على الكثير مما يعرف اليوم بأصول وقواعد التربية، ووسائل التنشئة الاجتماعية، وأيضًا طرق التدريس.
أما الشوكاني فإنه لم يقف في كتابه هذا عند حدود تلك الموضوعات التي طرقها السابقون عليه في مجال (آداب العلم والتعلم) ولم يعمل على تكرار آراء مؤلفيها، بل جاءت معظم الأفكار الرئيسية في كتابه جديدة ومبتكرة لم يسبقه إليها أحد. ولهذا لم يكن من قبل المبالغة قول الشوكاني في نهاية عرضه للأسباب المؤدية للتعصب والمانعة من الأنصاف والموضوعية:"إنه ينبغي لكل عالم ومتعلم أن تكون [تلك الأسباب والعوامل] نصب عينيه في إقدامه وإحجامه وما أحقها بذلك .. فإنها فوائد لا توجد في كتاب"(ص ١٧٩).
وهذا ما يشهد للشوكاني بالقدرة على الإبداع والإضافة والتجديد فقد تجاوز آراء سابقيه، وسعى إلى إصلاح وتجديد المنهجين الذين سبقت الإشارة إليهما في آن واحد (المنهج العلمي، والمنهج العملي) من خلال الإسهام بتشخيص وتحليل الأسباب والعوامل الكامنة وراء الخلل الفكري ووضع الحلول الكفيلة بمعالجته وإصلاحه، كمنطلق سابق لأي محاولة تستهدف النهوض والتجديد، أو إصلاح التعليم والاستفادة من نتائجه، فإذا
= ولذلك نجدهم ينصحون الطالب " … أن يقلل من استعمال الأطعمة التي هي من أسباب البلادة كالتفاح الحامض، والباقلا، وشرب الخل وكذلك ما يكثر استعماله البلغم المبعد للذهن ككثرة الألبان والسمك ونحو ذلك، ويتجنب ما يورث النسيان بالخاصة: كأكل سور الفار، وقراءة الواح القبور والدخول بين جملين مقطورين والقاء القمل حية ونحو ذلك" ابن جماعة (ت ٧٣٣ هـ) تذكر السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم (نشرها أحمد عبد الغفور عطا ضمن مجموعته: آداب المتعلمين ص ٢١٠؛ الحسين بن القاسم بن محمد (ت ١٠٥٠ هـ) آداب العلماء والمتعلمين، الدار اليمنية للنشر (ط ٢/ ١٩٨٧) ص ٦٢.