للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفعلوا، وكل ذلك كذب فإن الناس هم في هذه الديار زيدية وكثير منهم يجاوز ذلك فيصير رافضيًا جلدًا، ولم يكن في هذه الديار على خلاف ذلك إلّا الشاذ النادر، وهم أكابر العلماء ومن يقتدي بهم فإنهم يعملون بمقتضى الدليل ولا ينتمون إلى مذهب ولا يتعصبون لأحد، فهؤلاء هم الذين يقصدهم أولئك الرافضة بكل فاقرة ويرمونهم بالحجر والمدر ويسمونهم بميسم (١) النصب. فلما تفاقم شر أولئك المدرسين وصار الجامع ملعبًا لا متعبّدًا واشتغل بأصواتهم المصلون عن صلاتهم والذاكرون عن ذكرهم، رجَّح إمام العصر (٢) أعزّ الله به الدين منع صاحب الكرسي من الإملاء في الجامع وأمره بالعود إلى المسجد الذي كان يملي فيه. فحضر أولئك المستمعون على عادتهم وكان الإملاء قبل صلاة العشاء فلما لم يحضر شيخهم، ذهب بعضهم ليجيء به من بيته، فأخبرهم أن الإمام قد منعه وأمره بالعود إلى حيث كان فلم يعذروه ولا سمعوا منه ورجعوا إلى الجامع، ثم ثاروا ثورة شيطانية وقاموا قومة طاغوتية، فمنعوا [الناس] من الصلاة في الجامع، وما زال ينضم إليهم كل رافضي ومن له رغبة في إثارة الفتن حتى صاروا جمعًا كثيرًا ثم خرجوا فقصدوا بيت المؤذن الذي أظهر عليهم الرأي الإمامي فرجموه حتى كادوا يهدمونه، وفيه نساء وأطفال قد صاروا في أمر مريج، هذا وليس لذلك المؤذن المسكين سعي ولا له قدرة على شيء، ولكنه أرسل بالرأي الإمامي والي الأوقاف إليه ووالي الوقف أيضًا ليس له سعي في ذلك ولكنه أرسله إليه بعض من يتصل بالمقام الإمامي، ثم لما فرغوا من رجم بيت المؤذن، ذهبوا ولهم صراخ عظيم وأصوات شديدة إلى بيت والي الأوقاف، وهو رجل من أهل العلم من آل رسول الله فرجموا بيته رجمًا شديدًا حتى غشي على بعض من فيه من


(١) وسمه: جعل له صفة يعرف بها.
(٢) هو الإمام المنصور على بن العباس (راجع ص ١٠٠ هامش).

<<  <   >  >>