تغترّ بالظواهر فإن الرجل قد يترك المعصية في الملأ ويكون أعفّ الناس عنها في الظاهر وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من لا يخاف نارًا ولا يرجو جنّة.
وقد رأيت من كان منهم مؤذنًا ملازمًا للجماعات فانكشف سارقًا، وآخر كان يؤم الناس في بعض مساجد صنعاء وله سمت حسن وهدي عجيب وملازمة للطاعة وكنت أكثر التعجب منه كيف يكون مثله رافضيًا ثم سمعت بعد ذلك عنه بأمور تقشعرّ لها الجلود وترجف منها القلوب، وكان لي صديق يكثر المجالسة لي والوصول إليّ وفيه رفض يسير وهو متنزّه عن كل محظور ثم ما زال ذلك يزيد به لأسباب حتى صار يصنّف في مثالب جماعة من الصحابة، ثم صار يمزّق أعراض جماعة من أحياء أهل العلم والأموات وينسبهم إلى النصب بمجرّد كونهم لا يوافقونه على رفضه. ثم صار يتصل به جماعة ويأخذون عنه من الرفض ما لا يتظاهر بمثله أهل هذه الديار وكنت أعرف منه في مبادئ أمره صلابة وعفّة فقلت إذا كان ولا بدّ من رافضي عفيف فهذا ثم سمعت عنه بفواقر، نسأل الله الستر والسلامة.
وأما وثوب هذه الطائفة على أموال اليتامى والمستضعفين ومن يقدرون على ظلمه كائنًا من كان فلا يحتاج إلى برهان بل يكفي مدّعيه إحالة منكره على الاستقراء والتتبع فإنه سيظفر عند ذلك بصحة ما ذكرناه.
ولقد جربت أهل عصري في هذه المادة تجريبًا عظيمًا لتعلقي بما تتعلق به الأطماع (١)، واختباري بالناس على اختلاف طبقاتهم ولا شك أن الدنيا مؤثرة وأن الوثوب على مصالحها وتقديمها وانتهاز الفرص فيما يتعلق بها غير مختص بهؤلاء بل هو عام لكل الفرق والزاهد فيها المؤثر للدين عليها