وإذا كان اللحن منفيًّا في الأصل عن القرآن، فإضافته إليه من باب تحريف الكلم عن مواضعه.
وقراءة القرآن بغير التجويد أو بغير النحو عدول به عن المسموع من رسول الله ﷺ، وخروج به عن عربيته، وهذا لا يحل.
والقراءة بالتجويد تتم بمراعاة القواعد التي وضعت من قبل الأئمة القراء، وصنفت فيها المصنفات، مع الاستعانة ما أمكن بأخذها عن صاحب دراية ومعرفة من القراء المتقنين للتلاوة بتلك القواعد، ولا يجوز للمسلم أن يفرط في ذلك ما وجد إليه سبيلًا، فإن عجز اجتهد في الضبط بما تيسر له، بالسماع من قارئ متقن بواسطة الوسائل السمعية الحديثة، أو بأخذه من الكتب والرسائل التي ألفت فيه.
وقد بين ﷺ أن من بذل وسعه مجتهدًا في إتقان التلاوة ولم يساعده لسانه على إخراجها على وجوهها، إذ التعتعة عسر في النطق ومشقة، فهذا مأجور من جهتين: على اجتهاده في طلب الصواب، وعلى نفس تلاوته.
فالأعجمي ربما لم تساعده لغته ولسانه على أن يعطي كل حرف حقه ومستحقه، ومع ذلك يثني النَّبي ﷺ على جلوسه لقراءة القرآن، لا ينقص حسن عمله ذلك عن حسن عمل من كان معه من العرب الفصحاء، وحثه النَّبي ﷺ على التلاوة وإن كانت عجمته لا تساعده على الإتقان، وإنما ذلك لصحة المقاصد من أولئك المجتمعين، ولذا ذم بمقابلهم القراء المتكلفين لإقامة الألفاظ حتى إنَّ أحدهم ليحرص على الدقة في أدائه يقيم الحرف كإقامة السهم من القوس، لكنهم يبتغون به الدنيا.