وفي القرآن يحصل القارئ السكينة التي تنزل على القلب بردًا وسلامًا، لتطفئ النار التي تشتعل، لأنه يرى في القرآن مصارع الظالمين، وإن طال الزمان، ومهلكهم الذي جعل الله له موعدًا.
إنَّه لا يحدثك عن القرآن وما يفعله في النفوس، مثل القرآن، ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ١٠٢].
أما التدبر، فهو تجربة تخوضها، ونعيم تتذوقه، ومهما أخبرت عنه، فلا بد أن تحياه بنفسك، إنه يبدأ من معرفة مراد الله تعالى بكلامه، بفهم الكلام أولا، وبتثوير هذه المعاني.
إنَّ القرآن كالتمرة كلما زدتها مضغا أعطتك حلاوة، والقرآن يحلو كلما كررته، ولذا ينبغي عليك أن تزيد تكراره، فإنَّ عجائبه لا تنقضي، ولا يخلق على كثرة الرد.
ليس للتدبر دروب وعرة، ولا مسالك موحشة، لأن الله يسر القرآن للناس يأخذ كل منهم بمقدار استعداده، لكن أحدًا لا يجالس القرآن إلا خرج منه بشيء، ولا تزال تخرج بالشيء تلو الشيء حتى تقف على ما يدهش الألباب، ويأخذ بالنفوس.
افهم المعنى، وكرر الآية، ولا تستعجل، بل ازدد في الفهم، وابحث بصدق عن دواء دائك، وشفاء نفسك = فإنك لاقيه.