وفي المشددة وجهان: الأوَّل: أن تكون حرف جواب بمعنى «نعم» ، والمعنى: قال أبي: نعم، لم يَرْوِ ... إلخ، وقد جاءت «إنَّ» بمعنى «نعم» في كلام العرب شعره ونثره. انظر: "مغني اللبيب" (ص ٥٠-٥١) . والثاني: أن تكون حرف توكيد ونصب؛ تنصبُ الاسم وترفع الخبر، واسمها هنا: ضمير شأن محذوف، وخبرها الجملة بعدها، والتقدير: قال أبي: إنَّهُ [أي: إن الشأن] لم يَرْوِ ... إلخ. انظر في ضمير الشأن تعليقنا على المسألة رقم (٨٥٤) . وفي «إنْ» ساكنة النون: وجهٌ واحدٌ، وهو أن تكون مؤكدةً ناصبةً للاسم رافعة للخبر، وهي التي يسمِّيها النُّحاة: «إنْ المخفَّفة مِن الثقيلة» ، واسمها هنا: ضمير الشأن المحذوف، وخبرها: الجملة بعدها، والأصل: «إنَّه لم يَرْوِ ... إلخ» - كما في الوجه السابق- ثم خفِّفت «إنَّ» وحُذِف اسمها ضمير الشأن، فصارت: إنْ لم يَرْوِ ... . (٢) هو: عبد الله بن صالح، كاتب الليث بن سعد. (٣) قوله: «قال أبو محمد» ليس في (ت) و (ف) و (ك) ، والمثبت من (أ) و (ش) ، وهو الأَوْلى؛ لأنَّ أبا سعيد المذكور: هو أحمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سعيد، وهو شيخ لأبي محمد ابن أبي حاتم، ولم يذكر في شيوخ أبيه، وقد نقل ابن حجر في "لسان الميزان" (٤/١٢٣) قال: «قال ابن أبي حاتم: حدَّثنا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بن سعيد القطَّان، قال: ثنا عُبَيد بن أبي قُرَّة بهذا الحديث» . وانظر "الإصابة" (١٢/٤٩) . وعلى ذلك فيخرَّج ما في (ت) و (ف) و (ك) على أن القائل: «وحدَّثنا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبُو سَعِيدِ» ليس هو أبا حاتم، وإنما هو أبو محمد، من باب الاستئناف بذكر روايته للحديث من طريق عُبَيد بن أبي قُرَّة مؤكدًا بها جواب أبيه، والله أعلم.