للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَكْرَمَ من أَكْرَمَ مَثْوَاه، وحَفِظَ المروءة والدِّيَانَة، وصار ما كان مُدَّخَرًا له عند الله من النُّبُوَّةِ والمَكَانَة، وبه سُمِّيَ الصِّدِّيقَ؛ فإنه اتَّفق قولُه وفِعْلُه واعتقادُه على الطاعة، وما خالف قَطُّ مولاه في ساعة، كما أخبر سبحانه عنه، وهو الصَّادِقُ المَقَالِ، الكَرِيمُ الفِعَالِ (١)، الكَبِيرُ المُتَعَال.

قال الإمام الحافظ أبو بكر (٢) : هؤلاء الذين جمعوا هذه الصفات الأمهات هم الذين وَصَلُوا إلى رحمته بطاعته، التي كانت ابتداء رحمته، فبرحمته وصلوا إلى رحمته، وكانوا في مُتَعَلَّقِ ما وصفهم (٣) الرحمن به (٤) من صفاته بلسان الحقيقة والشريعة، وهم الذين يقال لهم: ﴿يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الزخرف: ٦٨ - ٦٩]، طلبوا السَّلَامَةَ من كل جهة فكَمَلَتْ لهم علائقها، وحصلت عندهم متعلَّقاتُها، فاستحقُّوا النعيم الدائم والفوز الأكبر بعملهم (٥) الذي هو من جُمْلَةِ رحمة مولاهم، قال النبي : "لن يدخل أَحَدٌ منكم الجنة بعمله، قيل له (٦): ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمَّدنى الله برحمة منه وفضل" (٧).


(١) في (س): الفعَّال.
(٢) في (د): قال الإمام الحافظ، وفي (ز): قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي، وفي (ل): قال الإمام.
(٣) قوله: "ما وصفهم" سقط من (د) و (ص) و (ل).
(٤) سقطت من (س) و (ص).
(٥) في (س) و (ص) و (ز): لعملهم، وضعَّفها في (ل).
(٦) سقطت من (س) و (ز).
(٧) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، بابٌ لن يدخل أحدٌ الجنة بعمله، رقم: (٢٨١٦ - عبد الباقي).