للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الأسراء: ١٠٧ - ١٠٩].

فإن كان المرادُ به من تقدُّم ممَّن أسلم من الأمم؛ فإنَّما بَكَوا تَذْكِرَةً لِمَا كان نَزَلَ عليهم، وتقدَّم من التعريف به لهم، أو لمَا فاتهم من أيَّامهم قبل هذه التذكرة، أو على من فاته ذلك من قوْمِهم ومعارفهم، أو على عواقبهم التي لا يعرفونها (١).

والبُكَاءُ رِقَّةٌ في القلب، مُمَدَّحَةٌ في الخلق، معدودة في الفضائل، وأين هذا من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ [الفرقان: ٧٣]؟

وهم على أقسام:

منهم: الكفار.

ومنهم: الغافلون.

ومنهم: الذين وَرَدَ ذِكْرُهم في الأثر: "ينثرونه نَثْرَ الدَّقَلِ" (٢)، "يتعجَّلونه ولا يتأجَّلونه" (٣)، يمرون عليه بغير فَهْمٍ ولا تثبت، صُمٌّ عن سماعه، عُمْيٌ عن رؤية عِبَرِه.


(١) في (د) و (ص): يعلمونها، وأشار إليها في (س).
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه عن عبد الله بن مسعود موقوفًا: أبواب الصلاة عن رسول الله ، باب ما ذكر في قراءة سورتين في ركعة، رقم: (٦٠٢ - بشار).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند من حديث جابر بن عبد الله مرفوعًا: (٢٣/ ١٤٤)، رقم: (١٤٨٥٥ - شعيب).