للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، وهي التي يقول الله: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ [ص: ١٥]، فتُسَيَّرُ (١) الجبال فتكون سرابًا، وتُرَجُّ الأرضُ بأهلها رجًّا، وهي التي يقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ [النازعات: ٦]، فتكون الأرض كالسفينة المُوثَقَةِ، وتضربها الأمواج تَكْفَأُ بأهلها، فيَمِيدُ (٢) الناس على ظهرها؛ فتَذْهَلُ المراضع، وتَضَعُ الحوامل، ويشيب الولدان، فبينما هم كذلك إذ تصدَّعت الأرض من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ، فرأوا أَمْرًا عظيمًا، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمُهْلِ، ثم خَسَفَ شمسها، ثم خَسَفَ قمرها، وانتثرت نجومها، والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك قال أبو هريرة: "هُم ممَّن استثنى الله، حين يقول: ﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [النمل: ٨٧]، فقال: أولئك الشهداء، وَقَاهُم الله فزَعَ ذلك اليوم وأَمَّنَهُمْ، وهو عذاب الله يَبْعَثُه على شِرَارِ خَلْقِه، وهو الذي يقول الله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: ١] " (٣).

قال القاضي الإمام أبو بكر (٤): وكُلُّهُ فَزَعٌ، لعظيم أَهْوَالِه، وكثرة أَوْجَالِه، وهو يَوْمٌ وَاحِدٌ.

أوَّلُه:


(١) في (ص): فيسير الله الجبال.
(٢) في (د): فتميل، وفي (ز): فيحيد، وهو تصحيف.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) في (ص): قال القاضي الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي ، وفي (ز): قال القاضي الإمام أبو بكر .