للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المفسرون: "كان أَيُّوبُ روميًّا من البَثَنِيَّةِ، اصطفاه الله للنبوءة (١)، وآتاه جملة عظيمة من الثروة؛ في أنواع الأموال والأولاد، وكان شاكرًا لأنعم الله، مواسيًا لعباد الله، برًّا رحيمًا، ولم يؤمن به إلا ثلاثة نفر، وكان لإبليس موقف من السماء السَّابعة في يوم من العام، فوقف به إبليس على عادته، فقال له الله أو قيل له عنه: أقدرت من عبدي أيوب على شيء؟ فقال: يا رب، وكيف أقدر منه على شيء وقد ابتليته بالمال والعافية؟ لو ابتليته بالبلاء والفقر ونزعت عنه ما أعطيته لحَالَ عن حاله، وخرج عن طاعتك، قال الله: قد سلَّطتك على أهله وماله، فانحطَّ عدو الله فجمع عفاريت الجن وأعلمهم، فقال قائل منهم: أكون إعصارًا فيه نارٌ أُهْلِكُ ماله فكان، فجاء أيوبَ في صفة (٢) قَيِّمِ (٣) في ماله فأعلمه بما جرى، فقال: الحمد لله، هو أعطاها وهو منعها، ثم جاء قَصْرَ أهله وولده (٤) فاحتمل القصر من نواحيه حتى ألقاه على أهله وولده، ثم جاء إليه فأعلمه، فألقى التراب على رأسه، ثم تاب، وصعد إبليس إلى السماء فسبقته توبة أيوب، فقال: يا رب سَلِّطْنِي على بَدَنِه، قال: قد سلَّطتك، إلَّا على لسانه وقلبه وبصره، فنفخ في جسده وهو ساجد نفخة اشتعل، فصار في جسده تَآلِيلُ، فحكَّ بأظفاره حتى دَمِيَتْ، ثم بالفخار حتى تساقط لَحْمُه على عظمه، ولم يخلص إلى شيء من حُشْوَةِ البطن؛ لأنه لا بقاء للنفس إلَّا بها، فهو (٥) يأكل


(١) في (ص): بالنبوة.
(٢) في (ص): صورة.
(٣) في (ص): قيم ماله.
(٤) في (ص): قصره بأهله وماله وولده.
(٥) في (د): وهو.