للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي عَلِيٍّ الحَلَبِي (١)؛ خَطِيبِ المسجد الأقصى -طهَّره الله (٢) -، حَضَرْتُ

عند جُمُعَةٍ فيه؛ وقد عَلَا على أعواد منبره فخَطَبَ:

"الحمد لله الذي تفرَّد دون خَلْقِه بمِلْكِ الدنيا والآخرة، وغَمَرَ برِزْقِه كلَّ نَفْسٍ بَرَّةٍ وفاجرة، ثم ردَّهم بعد ذلك في (٣) الحافرة، ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٣ - ١٤]، أَحْمَدُه على نِعَمِه المتوافرة، وأَشْكُرُه (٤) على آلائه المتظاهرة، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، شهادةً باطنة ظاهرة، مَرْحُوضَةً عن دَنَسِ الشَّكِّ طاهرة، وأشهد أن مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه، رَدَّدَه بين الأرحام المُحْصَنَةِ والأصلاب الفاخرة،


(١) ترجمه ابنُ العديم في تاريخ حلب، ومصدره في ترجمته هو كتابنا هذا؛ "سراج المريدين"، قال : "خطيب المسجد الأقصى، كان وَرِعًا متدينًا، وله كلام حسن مُبين، أخذ عنه أبو بكر بن العربي الإمام، صاحب كتاب الأحكام، وذَكَرَه في أوَّل كتابه في سراج المريدين"، ثم ساق جُلَّ هاته الخطبة التي أوردها القاضي هنا، فأفادتنا في ضبط بعض حروفها، بغية الطلب: (١٠/ ٤٥٣٣)، ولم يذكر وفاته، وظهر لي أنه من جملة من استُشهد في دَخْلَةِ الصليبيِّين بيتَ المقدس في شعبان من عام ٤٩٢ هـ، وقد ألمح الإمامُ ابنُ العربي إلى ذلك، قال فيه: "شَيْخٌ عَكَفَ عُمْرَه على الوعظ والعبادة، وختم الله له بالشهادة"، ويأتي قوله هذا قريبًا.
(٢) في (ص): عَمَرَهُ الله بدعوة الإسلام مدى الأيام والليالي.
(٣) في (ز): إلى.
(٤) في (ز): أشهده، وهو تصحيف.