للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع ما فيه من مباحث متعلقة بأحوال النفس، ومسالك تزكيتها وتصفيتها، من غير أن يكون داخلًا فيما دخل فيه أربابُ التصوف؛ إذ الكتاب فيه مفارقة لكثير من معالم التأليف الصوفي، كما سنبين بعد ذلك.

ولكنَّ الإمام أحمد زَرُّوق البُرْنُسِي ت ٨٩٩ هـ لم ير أن يُدْرِجَه ضمن مؤلفات الصوفية، ورآه بعيدًا كل البعد عن نَفَسِهم ونهجهم، فقال: "وللمُحَدِّثِ تَصَوُّفٌ حام حوله ابنُ العربي في سِرَاجِه"، وسببُ ذلك: أن ابن العربي لم يَبْنِ كتابه على مناهج المتصوفين، ولم يَرْعَ ما يراعونه في تواليفهم، وفَوَّقَ بسهامه نحو غُلَاتِهِمْ، وقصد إلى أئمة التصوف كالمُحاسبي والقُشَيري والغزالي؛ فردَّ كثيرًا من أقوالهم، ونَقَدَ عديدًا من مقالاتهم، فلهذا لم يَرَ الصوفيةُ هذا الكتاب مندرجًا في مؤلفاتهم، ولا مُعَوِّلًا على درجاتهم، فخَفَتَ ذِكْرُه في كتبهم وغاب، واستحال في أحيان كثيرة أن ترى مُعَرِّجًا منهم عليه، أو ملتفتًا إليه.

وممن عَدَّ "سراج المريدين" ضمن كُتُبِ المتصوفة الفقيه أحمد التَّادِلِي تـ ١٠١٣ هـ، في كتابه "المُعَزَّى في مناقب الشيخ أبي يعزى"، قال فيه: "ألَفَ أبو بكر بن العربي كتابًا في التصوف خصوصًا، سمَّاه سراج المريدين؛ مائلًا في أكثره للحديث" (١)، وما ذكره هنا قريبٌ ممَّا سبق نقله عن محتسب الصوفية ببلاد المغرب الفقيه أحمد زَرُّوق، وهو ناهل منه، مُعَوِّلٌ عليه، هذا الذي يبدو، وقد ذكر التادلي بعده ما يفيد ذلك (٢).


(١) المُعَزَّى في مناقب الشيخ أبي يعزى: (ص ٣٢٤).
(٢) المُعَزَّى في مناقب الشيخ أبي يعزى: (ص ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>