الرابع: وهو يسوق ما حسبه نقدًا للإمام الحافظ أبي بكر بن العربي وقعت له عجيبة لا تتصور من طالب علم، بالأحرى أن يقع فيها من يزعم لنفسه الحفظ والاجتهاد، وذلك أنه قال:"أخبرني الشيخ الحافظ أبو الفضل إسماعيل بن الفضل الأصفهاني بمكة - وكتبه لي بخطه - بقراءته علينا، وسألته عن الإخلاص، قال: حدَّثنا أبو عبد الرحمن السُّلَمِي وسألناه عن الإخلاص".
فكيف يُحَدِّثُ أبو الفضل الأصفهاني عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِي؟ كيف يروي عنه ويقول: حدَّثنا، وبين موت السُّلَمِي ومولد الأصفهاني أكثر من خمسين عامًا، هذا عجيب غريب، فكيف لم ينتبه وهو يسوق الإسناد من "السراج" إلى هذا الوهم؟ وكان عليه أن يدرك أن بينهما واسطة، ولكنه لم يفعل وسوَّى الإسناد، ولو كان كما يزعم لنفسه من النقد والحفظ لفطن لذلك؛ وأصلح غلطه الذي وقع فيه وهو ينقل من الكتاب.
الخامس: هذا الحديث الذي ساقه ابن العربي لم يُصَحِّحْهُ ولا أثبته، وإتيانُه بالإسناد كان لغرض بيان روايته عاليًا، ولكونه من غرائب السُّلَمِي أورده.
السَّادس: اكتفى ابنُ العربي بقول الحافظ أبي الفضل الأصفهاني في الحديث، فقوله: غريب، دَالٌّ على استضعاف هذا الحديث، ولكن الغماري يكابر، ويخيَّل إليه، ويتوهَّم.