للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستدعاء، ولا عن ماهيته وبواعثه، غير أنه قد ظهر لي أَمْرٌ يمكن أن يكون قريبًا بعض الشيء من حقيقة الحال، وهو:

أن استدعاء ابن العربي كان مرتبطًا بخبر الدعوة التُّومَرتية التي اقتربت من الإجهاز على مُلْكِ المُلَثَّمِينَ، فاستدعي للمشاورة في هذه القضية، وذلك للنظر في كيفية تحصين المجتمع والدولة المغربية من هذا التيار الجارف الذي يقوده أتباع ابن تومرت؛ ومعهم جيوشهم وجحافلهم، ولأن ابن العربي قد خالط الفِرَقَ بالمشرق، وكان أكثر مقارعته لفرقتين منهم: الظاهرية والباطنية، ولمَّا كان ابن تومرت قد خَلَطَ في عقائده بين مقالات تينك الفرقتين، وأضاف لهما بعضًا من مقالات القدرية والمتفلسفة؛ كان لابد من تصنيف ينقض معتقداتهم ومناهجهم، وهذا الذي يفسر تأليفه لكتاب "العواصم من القواصم" بعد عودته إلى إشبيلية من أغمات، وذلك عام ٥٣٦ هـ (١)، وهي السنة نفسها التي ابتدأ فيها بإملاء "سراج المريدين".

ومع أن "سراج المريدين" من أواخر مصنفاته؛ إلَّا أنه أحال عليه في كتبه التي تقدَّمت عليه في التصنيف، ككتاب "العواصم" (٢)، و"ترتيب المسالك" (٣)، و"شرح الترمذي" (٤)، وغيرها.

وعادةُ الإمام ابن العربي أنه يرجع إلى مصنفاته بالزيادة والتعديل، ممَّا قد يُوقِعُ بعض الحيرة لمن رام التأريخ لمصنفاته، فيذكر في أوائل كتبه أواخرها، وكذلك فعل في "الرسالة الحاكمة"، فمع أنها من أوائل مصنفاته


(١) العواصم: (ص ٣١٤).
(٢) العواصم: (ص ٣١٩).
(٣) ترتيب المسالك: (٧/ ٤١٠).
(٤) شرح الترمذي: (٦/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>