للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي لأصحابه: "فَرَغَ ربكم، قالوا: فيم العمل؟ قال: اعملوا، فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له، أمَّا من كان من أهل السعادة فَسَيُيَسَّرُ لعمل أهل السَّعادة، وأمَّا من كان من أهل الشقاوة فَسَيُيَسَّرُ لعمل أهل الشقاء (١)، ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: ٥ - ١٠] " (٢).

إذا ثَبَتَ هذا فعليه يَجْرِي الأمرُ في ذلك والنهيُ والابتلاء، ومنه يكون التحفظ والاتقاء، وإنَّما تتخذ الوقاية من جهة المخافة، والوجوهُ المَخُوفَةُ وأسبابُ المخافة لا حدَّ لها، إلَّا أن العلماء قالوا: إنَّ ذلك ينحصر فيما نبَّه عليه في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ [الحجر: ٤٣ - ٤٤]، فأخبر تعالى أن الجنة لها ثمانية أبواب، وأن النار لها سبعة أبواب (٣)، فعلى العبد أن يستفتح أبواب الجنة ويُغْلِق أبواب النار.

وقد تسلَّط على هذه الأبواب (٤) الخَلْقُ، واتَّسَعَ فيها الخَرْقُ، وما تكلَّم أَحَدٌ منهم عليها بحَقٍّ، وأشدهم في ذلك شَكِيمَةً وأعظمهم خطأً المُفَسِّرُونَ (٥)، وأعداهم بعد ذلك الغُلَاةُ من الصوفية.


(١) في (ك): الشقاوة.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) قوله: "وأن النار لها سبعة أبواب" سقط من (د).
(٤) في (د) و (ب) و (ص): تسلَّط الخلقُ على هذه الأبواب.
(٥) ينظر: الكشف والبيان: (٥/ ٣٤٢ - ٣٤٣).