للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنزلة على جميعهم، وحَكَمَ له بأنه أفضلهم، فسَعْدُ بن معاذ في حياة رسول الله أفضلُ الأنصار، ولا عِلْمَ لأَحَدٍ بأفضلهم بعد موته.

وخَيْرُ الناس بعد رسول الله أبو بكر.

وفي التفضيل في حياته كلامٌ بيَّنَّاه في موضعه (١).

وصار يُطْلَقُ (٢) - في العُرْفِ - على من يُرجع إليه في الآراء، ويَنْفُذُ قوله في الأمور على الجمهور، ولذلك (٣) قال الشَّاعر:

أَلَا بَكَّرَ النَّاعي بخَيْرَيْ (٤) بني أَسَدْ … بعَمْرِو بن مَسْعُودٍ وبالسيِّد الصَّمَدْ (٥)

وهو الذي يُصمد إليه في الأمور، ويُقصد فيها بكل معنى، كما تقدَّم.

وقد كان بعضُ أصحابنا (٦) من المُتَعَبِّدِينَ يرى أن أهل هذا (٧) المغرب ليس فيهم فقيه، فإذا كَاتَبَ أحدًا منهم قال: "إلى سَيِّدِي أبي فُلَانٍ فُلَانِ بن فُلَانٍ"، فيَتَوَرَّعُ عن أن يكتب "فقيهًا"؛ لئلا يَكْذِبَ، فيكتبُ: "سَيِّدِي"، وهي كِذْبَةٌ عُظْمَى؛ لأنه ليس له بمَالِكٍ، ولا له عليه فضيلةٌ يتميَّز بها، بل ربما كان من أهل المعاصي والظُلَمِ (٨).


(١) ينظر: العارضة: (٩/ ١٧١).
(٢) أي: السيد.
(٣) في (ك): بذلك.
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): بخير.
(٥) من الطويل، وهو لامرأة من بني أسد كما في البيان والتبيُّن: (١/ ١٨٠)، والأغاني: (٢٢/ ٩٦).
(٦) لعله الفقيه الإمام أبو بكر الطرطوشي، وقد ذَكَرَ ابنُ العربي عنه ذلك في اسم "الفقيه"، أو لعله غيره، والله أعلم.
(٧) سقط من (ك).
(٨) في (ك) و (ص) و (ب): أو المظالم.