للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالشهوات" (١)، فاسددها عن نفسك، أو اسلكها لها، وسَهِّلْ سبيل الخلاص

منها؛ فإنك على مَهْوَاةٍ فيها، وربَّما زَلَلْتَ فسقطت، فأيُّ لعًا لك؟

وأشدُّها اللسان؛ فإنه رطب مُسْتَرْسِلٌ، فلا يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلَّا حصائدُ ألسنتهم، وإذا واظبت عليها بالمراقبة (٢) ولَازَمْتَها بالتذكرة أوشك أن يكفَّ عنك شرُّها أو يَقِلَّ.

وأنفعُه لك أن تشغلها بالأوراد، وتُرَتِّبَ عليها الطاعات، ولا تهملها ساعة، فإنَّها إن شَرَدَتْ عنك أنَّى لك بأخذها؟

قال الله تعالى: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٤].

أي: هل (٣) يعدل من لا يعلم ممَّا يفعله العبدُ شيئًا؟

﴿قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ [الأنبياء: ٤٢].

أي: ليس بيَدِ أَحَدٍ من المخلوقين نجاتُكم، وهذا زَجْرٌ للكافرين، وهيبة للمؤمنين، فاحفظ - أيها العبدُ - من يحفظك، وراقب من يكلؤك، واخش من يراك، واعلم أن ما يأتيك (٤) من الخيرات من نَوْعَي النفع والضر (٥) فإنَّه ممَّن تولَّاك، فيجبُ (٦) عليك دوام الاعتكاف ببابه، وإيقاف القلوب على محبته، وهو سبحانه وإن كان رتُّب على ظاهرك من يرعاه، فإنَّ


(١) ينظر: قانون التأويل: (ص ٢٣٨)، وأصله في الإحياء: (ص ١٧٦٧).
(٢) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): المرابطة، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.
(٣) قوله: "أي: هل" سقط من (ك) و (ص) و (ب).
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): نابك، وضرب عليها في (د).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): الدفع.
(٦) في (د): يحب.