للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصحَّ عنه من طريق أنس: قال: "كان أخوان على عهد النبي؛ فكان أحدهما يأتي النبي، والآخَر يحترف، فشكى المحترفُ أخاه إلى النبي، فقال له النبي: ولعلك تُرْزَقُ به" (١).

وليس وراء هذه الأحاديث في الباب شيء يُعَوَّلُ عليه، فهذه آياتُه وأحاديثُه الصِّحَاحُ التي يُعَوَّلُ عليها.

فمَدَحَ الله التَّوَكُّلَ وأَمَرَ به، وحقيقتُه كما قدَّمنا: اتخاذُ الوكيل، وهو الذي يَكْفِيكَ العمل، ويُبَلِّغُكَ الأمل، وإنَّما يكون ذلك بشرطين:

أحدهما: القدرة.

والثاني (٢): الصدق.

فإذا عَلِمْتَ صاحبَك قادرًا على ما تُلْقِي إليه، صادقًا فيما يَعِدُكَ به؛ اتخذته وكيلًا، واعتمدت عليه كَفِيلًا، ووثقته جميلًا.

والعبدُ خُلِقَ محتاجًا، ومولاه قادر، وقد وَعَدَه (٣) بالرزق والكفاية، وأَمَرَه بالطاعة والعبادة، فإذا تحقَّق قُدْرَتَه وعَلِمَ صِدْقَه اتخذه وَكِيلًا، ورَضِيَ به كفيلًا، وتَوَكَّفَ منه فِعْلًا جَمِيلًا، وعَكَفَ على بابه بخدمته وعبادته بُكْرَةً وأصيلًا.

وبهذ المعنى قال المؤمنون حين غلبهم الكافرون واستولى عليهم الخوفُ من جهتهم: ﴿حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾، وقيل (٤) لهم: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.


(١) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب الزهد عن رسول الله ، باب في التوكل على الله، رقم: (٢٣٤٥ - بشار).
(٢) في (ك): الثاني.
(٣) في (ك): وعد.
(٤) في (ص) و (ك): وقال.