للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عباده فقيرًا وغنيًّا، وأمرنا بأن نَعُودَ على الفقراء، وذلك من حُكْمِه وحِكْمَتِه، فأيُّ تشنيع في أن يُخْبِرَ عن حاله التي تختصُّ به (١)؟ وقد أعلمنا الله بها في الجملة، فهذا من ذلك التفصيل.

قالوا: "وفيها إذلالُ المرء نفسه" (٢).

قلنا: وأيُّ ذُلٍّ في أن يُحِيلَك مولاك بنعمة أعطاها لك على (٣) عبد آخَرَ أخيك بحَقٍّ (٤) هو له عنده، الذُّلُّ على المسؤول لا على السَّائل؛ فإنه خازنُك، إن أعطاك ما أُمِرَ به أُجِرَ، وإن تردَّد أو تكرَّه أَثِمَ.

قالوا: "وفيها إيذاء للمسؤول؛ لأنه إن سَمَحَ شَقَّ عليه مفارقة ماله، وإن بخل تصوَّر بصورة مذمومة" (٥).

قلنا لهم: شَقَّ الله عليهم، ولمَ يبخلون بما آتاهم الله من فَضْلِه؟ أيحسبونه خيرًا لهم؟ بل هو شرٌّ لهم.

ورَوَوْا في ذلك حديثًا عن النبي: "مسألة الناس من الفواحش" (٦).

قلنا لهم: من أعظم الفواحش وأكبر الكبائر وأَشَدِّ الموبقات روايةُ هذا الحديث.


(١) في (د): تختص بها.
(٢) الإحياء: (ص ١٥٦٤).
(٣) في (د) - أيضًا -: يد، وفي (ص): على يد.
(٤) في (د): يحق.
(٥) الإحياء: (ص ١٥٦٤).
(٦) قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: "لا أصل له"، ينظر: الإحياء: (ص ١٥٦٤)، هامش رقم (١).