للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذَكَرَ في آية أخرى خمسة منها: ﴿لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ﴾ [الحديد: ٢٠]، فاللعبُ راحة النفس، واللهو آفَتُها؛ فإن الدنيا رُتْبَةٌ وُضِعَتْ لبلاء الأعمال في الحسن والقبح، وجُبِلَتِ القلوب على المفاخرة، وحُبِّبَ (١) إليها المكاثرة، وقد ذَكَرَها في آيَةٍ أخرى فقال باختصار أَوْعَبَ (٢) من هذا، فقال: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ (٣) [العنكبوت: ٦٤]، إذ ذلك لجميعها.

ثم من (٤) عَظِيم (٥) الفصاحة وسَعَةِ العِلم رَدُّ الكل إلى واحد، فقال: ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: ٤٠]، فإن العبد مُتَرَدِّدٌ بين عَقْلٍ وشَهْوَةٍ ولَمَّتَيْنِ؛ من المَلَكِ لَمَّةٌ بالعقل، ومن الشيطان لَمَّةٌ بالشهوة، ومن الله التوفيق للمَلَكِ، والخذلان للشيطان، والعِلْمُ الأوَّل والقلم (٦) السَّابق قد نَفَذَ، والكلُّ يصير إلى ما يصيرُ إليه، وإذا اتَّبع العبد مُناه، واتخذ إلهه هواه، وانقاد لكل ما يتمنَّاه (٧)؛ فذلك هَلَكُهُ، وينبغي أن يجعل المؤمنُ بين عَيْنَيْه حديث النبي الصحيح (٨): "الدنيا سِجْنُ المؤمن، وجَنَّةُ الكافر" (٩).


(١) في (ص): حببت.
(٢) في (ص): أوضح.
(٣) في النسخ: "إنما الحياة الدنيا لعب ولهو".
(٤) سقطت من (ص).
(٥) في (ص): تعظيم.
(٦) في (ص): العلم.
(٧) قوله: "واتخذ إلهه هواه، وانقاد لكل ما يتمناه" سقط من (ص).
(٨) في (ص): في الصحيح.
(٩) أخرجه الترمذي في جامعه عن أبي هريرة : أبواب الزهد عن رسول الله ، باب ما جاء أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، رقم: (٢٣٢٤ - بشار).