للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كلُّه له وَجْهٌ صَحِيحٌ، فإن تَعَلُّقَ القَلْبِ بغَيْرِ الله، وجَرْيَ اللِّسَانِ بذِكْرِ سواه، واستعمالَ الجوارح في عَمَلِ لا يكونُ له لا يَنْبَغِي، وكذلك المحرَّمات، معلومٌ قَطْعًا أن الخطاب بها مستمرٌّ على العباد دائمًا، ويتأكدُ ذلك بالصوم، فإن انتهاك الحُرْمَةِ في غير الصوم ذَنْبٌ، وانتهاكُها (١) في الصوم ذَنْبَانِ، وتتضاعفُ السيِّئات بتضاعف الحُرُمَاتِ.

قال النبي : "من لم يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به فلَيْسَ لله حَاجَةٌ في أن يَدَعَ طعامه وشرابه" (٢).

وقد قال جماعةٌ من السلف: "إنَّ الغِيبَةَ تُفْطِرُ الصائم وعليه القضاء لأجل هذا الحديث؛ وذلك لأن أَجْرَ الصائم لا يفي بإثم الغيبة لأنها من الكبائر، والكبائر من العبادات لا تُكَفِّرُ الكبائر من السيئات إلَّا بالموازنة" (٣).

وقال النبيُّ : "إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة - وقيل: الرحمة -، وغُلِّقَتْ أبواب النار، وسُلْسِلَتِ الشياطين" (٤).

ومن الحديث الحسن: "صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ، وغُلِّقَتْ أبوابُ النار، فلم يُفتح منها بابٌ، وفُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها


(١) في (د): انتهاكه.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، رقم: (١٩٠٣ - طوق).
(٣) ينظر: قوت القلوب: (٣/ ١٢٤٧)، والإحياء: (ص ٢٧٧)، وفتح الباري: (٤/ ١٠٤)، وهو قَوْلُ الأوزاعي وسفيان.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الصيام، باب فضل شهر رمضان، رقم: (١٠٧٩ - عبد الباقي).