للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال بعضُ المُفَسِّرينَ (١): "إن دعوة موسى هذه كانت بإِذْنٍ؛ لأن الأنبياء ضُمِنَتْ لهم العِصْمَةُ".

فدلَّ على أن الدعاء بهذه الجملة كان (٢) بإِذْنٍ، ويَعْضُدُه قوله في التخلي عن الشفاعة: "إني قتلتُ نَفْسًا (٣) لم أُؤْمَرْ بقتلها" (٤)، ولم يقل: دَعَوْتُ على فرعون وقَوْمِه.

وقد حكى رسول الله : أن نَبِيًّا من الأنبياء جَرَحَه قَوْمُه، فجَعَلَ يسيلُ الدم (٥)، وجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ ويقول: "اللَّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (٦).

وأمَّا مُحَمَّدٌ فقال حين خرج فَارًّا إلى الطائف وطَرَدُوهُ: "اللهم إليك أشكو ضَعْفَ قُوَّتِي، وقِلَّةَ حيلتي، وهَوَانِي على النَّاسِ، يا أرحم الراحمين، اللهم أنت رَبُّ المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تَكِلُنِي، إلى بعيد يَتَجَهَّمُنِي، أو إلى عَدُوٍّ مَلَّكْتَه أَمْرِي، إن لم يكن بك عليَّ غَضَبٌ فلا أبالي، ولكن عَافِيَتُك أوْسَعُ لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظُّلَمُ، وصَلَحَ عليه أمرُ الدنيا والآخرة؛ أن تُحِلَّ غَضَبَك بي، أو تُنْزِلَ سَخَطَكَ عَلَيَّ، لك العُتْبَى حتى تَرْضَى، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بك" (٧).


(١) هو الأستاذ أبو القاسم القُشَّيري، ذكره في لطائف الإشارات: (٢/ ١١٣).
(٢) في (د): كانت.
(٣) في (س): إني قتلت منهم نفسًا.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) في (س) و (ف): جعل الدم يسيل.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن مسعود : كتاب الأنبياء، بابٌ، رقم: (٣٤٧٧ - طوق).
(٧) أورده ابن هشام في السيرة: (٢/ ٦٨).