للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الأستاذ أبو القاسم: "صَحِبَ ذا النون الحُوتُ أيامًا قلائل، فإلى يوم القيامة يقال له: ذو (١) النون، فما ظنُّك بعَبْدٍ عَبَدَه سبعين سَنَةً، أَيَبْطُلُ (٢) هذا عنده (٣)؟ لا يُظَنُّ به ذلك" (٤).

وقال أبو المعالي: "قوله: لا تُفَضِّلُوني على يونس بن متَّى (٥)، المعنى: فإنِّي لم أكن (٦) وأنا في سِدْرَةِ المنتهى بأَقْرَبَ إلى لله منه وهو في قَعْرِ البحر في بَطْنِ الحوت، وهذا يدلُّ على أن الباري ليس في جِهَةٍ" (٧).


(١) في (د) و (ص): ذا.
(٢) في (ص) و (س) و (ف): يبطل.
(٣) في (س): عمره.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٥١٩).
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) في (د): نكن.
(٧) قال ابنُ العربي (الأحكام: ٤/ ١٦٢١): "أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ من أَصْحَابِنَا عن إمَامِ الحَرَمَيْنِ أَبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجُوَيني أَنَّهُ سُئِلَ: هل الباري تعالى في جِهَةٍ؟ فَقَالَ: لا، هو يَتَعَالَى عن ذَلِكَ، قِيلَ له: ما الدَّلِيلُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قوُله : "لا تُفَضِّلُونِي على يُونُسَ بن مَتَّى"، فقيل له: ما وَجْهُ الدَّلِيلِ من هذا الخَبَرِ؟ قال: لا أَقُولُهُ حَتَّى يَأْخُذَ ضَيْفِي هذا أَلْفَ دِينَارٍ يَقْضِي بها دَيْنَهُ، فقام رجلان فقالا: هي علينا. فقال: لا يَتْبَعُ بها اثْنَيْنِ؛ لأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ، فقال وَاحِدٌ: هي عَلَيَّ، فَقَالَ: إنَّ يُونُسَ بن مَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ في البَحْرِ، فَالتَقَمَهُ الحُوتُ، وَصَارَ في قَعْرِ البَحْرِ في ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ، وَنَادَى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، كما أَخْبَرَ الله عنه، ولم يَكُنْ مُحَمَّدٌ بِأَقْرَبَ من الله من يُونُسَ حين جَلَسَ على الرَّفْرَفِ الأَخْضَرِ، وارْتَقَى به، =