للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَضْلُ الله على ما تقدَّم في حديث ابن عمر في مُحَاجَّةِ اليهود والنصارى، وقول الله تعالى لهم: "هل ظلمتكم من أجركم (١) شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فذلك فَضْلِي أوتيه من أشاء" (٢)، ولو كان الجزاء على قَدْرِ النية ما أُعْطِي الجنة، فإن عمل أهل الأرض لا يكافئ جُزْءًا منها، ولو كان الجزاءُ على قَدْرِ العمل مُسْتَحَقًّا لكان لله تعالى أن يحاسبه بنِعَمِه عليه، فنِعْمةُ البصر وحدها تأخذ جميع أعماله، فهذه الوجوه كلها تُضْعِفُ هذا القول وتُسْقِطُه.

وأمَّا قوله في الثالث؛ فلا مُتَعَلَّقَ لهم في غرضهم.

وأمَّا الرابع؛ فلا يصح أن تكون النية خَيْرًا من العمل، ولا يكون العملُ خَيْرًا من النية؛ لأن شَرْطَ الشيء الذي يقع الاعتدادُ به فيه لا يصح أن يقال: إنه خير منه أو مثله، كما لا يصح أن يقال: إن الطهارة خَيْرٌ من الصلاة، ولا الصلاة خَيْرٌ من الطهارة، أَمَا إنَّ في أعمال القلوب ما هو خَيْرٌ من جميع الأعمال، وهو الإيمان.

وأمَّا قولهم: إن النية تكتب مفردة، ولا يكتب العمل دونها؛ فصحيح، ولكن هذا لا (٣) يُوجِبُ فَضْلَ النية على العمل، ألا ترى أنه قد رُوي: "أنه لا يُنظَر في عَمَلِ عبد حتى يُنْظَرَ في صلاته" (٤)، ولكنه يُكْتَبُ له العمل دونها، ويُثاب عليه آخِرًا في الشفاعة.


(١) في (س): أحدكم.
(٢) تقدَّم تخريجه في السفر الأوّل.
(٣) سقطت من (س).
(٤) أخرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغًا: كتاب الصلاة، جامع الصلاة، (١/ ٢٣٣)، رقم: (٤٨٢ - المجلس العلمي الأعلى).