• أما إن كان داخل البلد، فيجب حضور الجمعة ولو كانت بعيداً ما دام داخل البلد.
قال النووي رحمه الله:" قال الشافعي والأصحاب: إذا كان في البلد أربعون فصاعداً من أهل الكمال، وجبت الجمعة على كل من فيه وإن اتسعت خطة البلد فراسخ، وسواء سمع النداء أم لا. وهذا مجمع عليه. (المجموع).
وقال المرداوي: محل الخلاف في التقدير بالفرسخ، أو إمكان سماع النداء، أو سماعه، أو ذهابهم ورجوعهم في يومهم: إنما هو في المقيم بقرية لا يبلغ عددهم ما يشترط في الجمعة، أو فيمن كان مقيماً في الخيام ونحوها، أو فيمن كان مسافراً دون مسافة قصر، فمحل الخلاف في هؤلاء وشبههم. أما من هو في البلد التي تقام فيها الجمعة فإنها تلزمه، ولو كان بينه وبين موضع الجمعة فراسخ، سواء سمع النداء أو لم يسمعه، وسواء كان بنيانه متصلاً أو متفرقاً، إذا شمله اسم واحد. (الإنصاف) وقال الشيخ ابن عثيمين: هذا إذا كان خارج البلد، وأما إذا كان البلد واحداً فإنه يلزمه، ولو كان بينه وبين المسجد فراسخ.
ذكر علماؤنا أن مسيرة الفرسخ ساعة ونصف الساعة في سير الإبل والقدم، لا بسير السيارة؛ فإن كان بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ
قالوا: فإنها تلزمه بغيره؛ أي: إن أقيمت الجمعة وهو في البلد لزمته وإلا فلا.
والحاصل: أن المقيم في مدينة تجب عليه الجمعة، سواء سمع النداء أو لم يسمع، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء.
• لكن حصل خلاف في تحديد مفهوم "المدينة" فيما لو تباعدت وتفرقت بأن صارت أحياء بينها مزارع.
فقال بعض العلماء: لو تفرق، وفرقت بينه المزارع، فيكون كل حي كأنه مدينة مستقلة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد حكاية هذا القول: " ولكن الصحيح ما دام يشمله اسم واحد فهو بلد واحد، ولو فرض أن هذا البلد اتسع وصار بين أطرافه أميال أو فراسخ فهو وطن واحد تلزم الجمعة من بأقصاه الشرقي، كما تلزم من بأقصاه الغربي، وهكذا الشمال والجنوب؛ لأنه بلد واحد " انتهى من "الشرح الممتع" (٥/ ١٧)