للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤٥/ أ] وكذلك فيما ذكر في «الإيضاح» (١) في تعليل زفر في حق عدم جواز إمامة المعذور في الجمعة إشارة إلى أنّهم لو اكتفوا بصلاة الجمعة يسقط عنهم فرض الوقت، فقال: وقال زفر: لا يجوز/ إمامة العبد أو المسافر في صلاة الجمعة؛ لأنه لا يفترض عليه الأداء، وإنما يصح منه على سبيل التبع، فلا يجوز أن يكون أصلًا بالإمامة، فقد صحّ منه الجمعة على سبيل التبعيّة علم أنّ فرض الوقت يسقط عنهم إذا صلّوا الجمعة وحدها (٢).

وفي «المحيط» (٣): أنّ الجمعة فرض على المعذورين كالظهر.

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- في جواب قولهم: لا يجتمع فرضان مشروعان فقال: يُشكل بالمسافر، والمريض، والعبد، فإن المشروع في حقهم فرضان الظهر، والجمعة، فلما جاز في حق هؤلاء أن يكون الصلاتان مشروعتين، فكذلك في حق الحرّ المقيم أيضًا، فعلم بهذه الروايات أن ما وقع في بعض حواشي أصول الفقه أنّهم إذا أدّوا الجمعة وحدها لا يسقط عنهم فرض الوقت عند زفر، والشافعي لا يثبت صحته، [ثم] (٤) وجه التشبيه بالصبي في الكتاب في قوله: (لا فرض عليه)، فأشبه الصبي هو [أن] (٥) يقول: إنا أجمعنا على أنّ الفرض في هذا الوقت أحدهما لا كلاهما؛ لأنه لم يشرع في وقت واحد فرضان، فلما لم يخاطبوا بالجمعة صاروا بمنزلة الصبي في حقها، ولنا أنّ هذه رخصة؛ لأن الخطاب عام، فيتناولهم إلا أنّهم عذروا دفعًا للحرج، [فلو لم يسقط عنهم فرض الوقت بأدائهم الجمعة كان فيه فساد الوضع؛ لأن الإسقاط عنهم لدفع الحرج] (٦)، والقول بعدم الجواز يؤدّي إلى الحرج، فكان القول بعدم الجواز ينقض ما هو موجب السقوط، وهو الجرح، فأي وضع أفسد (٧) من هذا، وأمّا الفعل من الصبي فلا يقع فرضًا، وكان في الاقتداء به بناء الفرض على النّفل فلذلك لا يجوز (٨).

وأمّا المسألة الثانية: وهي قوله: (ومن صلى الظهر في منزلة يوم الجمعة قبل صلاة الإمام، ولا عذر له … له ذلك، وجازت صلاته).

وقال زفر -رحمه الله-: لا يجزئه الظهر إلا بعد فراغ الإمام من الجمعة، فلذلك قيد (٩) في الكتاب في صورة المسألة بقوله: قبل صلاة الإمام.


(١) ينظر: نور الإيضاح: ص ٨٤.
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٦٢.
(٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٦٩.
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) في (ب): "أشد".
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٥٠، المحيط: ٢/ ١٤٩، الجوهرة النيرة: ١/ ٩٠.
(٩) في (ب): " قدر ".