للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: لا شك أن للتمكّن من الوطء جهة كونه مقصودًا وجهة كونه ثمرة.

أمّا جهة كونه مقصودًا فباعتبار أن بناء شرعية النكاح لأجله، أمّا المقصود من شرعية النكاح هو التوالد والتناسل لحكمة بقاء العالم بما قدر الله تعالى بقاءه، وذلك لا يحصل إلا بالوطء.

وأمّا جهة كونه ثمرة فبالاستدلال بالحكم حيث يصح نكاح الرضيعة والرتقاء والقرناء والعجوز والعقيم (١)، فلو كان هذا مقصودًا لما جاز نكاح هؤلاء، كما يجوز استئجار الجحش للحمل والركوب؛ لما أنّ المقصود من الاستئجار الانتفاع، وهو لا يحصل به في الحال، ولما كان كذلك اعتبرنا جانب الثمرة فيما إذا كانت هذه العيوب بالمرأة فلم يثبت الخيار للزّوج بالردّ والفسخ جريًا على الأصل، وهو أنّ النكاح لا يقبل الفسخ، واعتبرنا جانب كونه مقصودًا فيما إذا كان عيب الجبّ والعنّة بالرّجل.

ثم إنّما عيّنا جانب الثمرة فيما إذا كانت العيوب بالمرأة؛ لأنّ الزوج متمكّن من الاستمتاع بغيرها بأن يتزوّج غيرها مع وجودها ومتمكّن من طلاقها، فقلنا: لا يثبت له الخيار؛ لأنّ استيفاء الوطء ثمرة من الثمرات وعيّنا جانب الأصالة، وكون [استيفاء] (٢) [الوطء] (٣) مقصودًا فيما إذا كان العيب بالزّوج من الجُبِّ والعُنّة؛ لأن المرأة لا تتمكّن من الاستمتاع بغيره مع كونها في نكاحه، ولا تتمكّن من تطليق نفسها، فقلنا: كان له الخيار فيما إذا وجدت زوجها مجبوباً أو عنّينًا؛ لأنّ الجُبّ والعُنّة يخلان بالمقصود المشروع له النكاح وهو الوطء، والله تعالى أعلم بالصّواب.

باب العدّة

اعلم أنّ الأثر يتبع المؤثر أينما كان، والعدّة متعقبةٌ للطلاق وما يماثله من الفراق، خصوصاً ما إذا كان الطّلاق بعد الدخول، فلذلك أورد باب العدّة بعد ذكر وجوه الفراق من الطّلاق والإيلاء والخلع واللّعان وأحكام العنّين.

ذكر في «الصحاح» (٤) عدّة المرأة أيام أقرائها (٥).

وقيل: العدّة عبارة عن التربص (٦) الذي يلزم المرأة عند زوال النكاح أو شبهته (٧).


(١) العقم والعقم، بالفتح والضم: هزمة تقع في الرحم فلا تقبل الولد، امرأة عقيم، بغير هاء، لا تلد. ينظر: لسان العرب (١٢/ ٤١٢)
(٢) في (أ): الاستيفاء.
(٣) سقطت من (أ).
(٤) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٢/ ٥٠٦).
(٥) القرء الوقت، فقد يكون للحيض والطهر. لسان العرب (١/ ١٣٠).
(٦) التربص: الانتظار، يقال: تربصت الأمر تربصا انتظرته. ينظر المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (١/ ٢١٥).
(٧) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٦).