للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في العدول عن الشهادة والزيادة فيها]

«أو بزيادة كانت باطلة» (١)؛ أي: كانت الزيادة باطلة، والجملة الفعلية التي هي: «كانت باطلة»، وقعت صفة للنكرة التي هي «بزيادة»؛ ولكن الشَّهادة مقبولة، فتقبل إذا تداركه في أوانه، وأوانه ما قبل البراح من مكانه، بخلاف ما إذا قام عن المجلس، ثم عاد، وقال: أوهمت، حيث لا يقبل منه ذلك؛ لجواز أنَّه غرَّه المدَّعى أو المدعى عليه بأطماع حطام الدنيا، وعلى هذا إذا وقع الغلط في بعض الحدود، بأن يذكر الجانب الشَّرقي مكان الجانب الغربي، أو على العكس، أو في بعض النَّسب، بأن يذكر محمد بن أحمد بن عمر مكان محمد بن علي بن عمر مثلاً؛ أي: تقبل شهادته إذا تدارك في مجلسه ولا تقبل إذا تدارك بعد ما قام عن مجلسه (٢).

«وهذا إذا كان موضع شبهة» (٣)؛ أي: اعتبار واتحاد المجلس في عدم التلبيس، واعتبار اختلاف المجلس في وجود التلبيس فيما إذا كان ذلك الموضع موضع شبهة التَّلبيس، بأن يزيد [في] (٤) قدر المال الذي شهد أو ينقص، إذ الزِّيادة في قدر المال الذي كان شهد قبله بمقدار، ثم زاد عليه يوهم أنَّ ذلك كان بغرور من المدَّعى، والنقص من قدر المال الذي كان شهد قبله بمقدار يوهم أنَّ ذلك كان بغرور من المدعى عليه، فحينئذ [لا تقبل] (٥) زيادته أو نقصه بعد ما قام عن المجلس؛ لأنَّ ذلك موضع شبهة التلبيس على ما قلنا من توهم غرور المدَّعى أو المدعى عليه.

وأمَّا إذا لم يكن تداركه في شهادته فيما لا يحتمل الغرور من جانب المدَّعى أو المدَّعَى عليه، فلا بأس بأن يتدارك شهادته.

«وإن قام عن المجلس» (٦)، مثل أنْ يدعي لفظة الشَّهادة وما يجري مجرى ذلك، بأن يترك ذكر اسم المدَّعِى أو المدَّعَى عليه أو يترك [إشارة] (٧) إلى المدَّعِى أو المدَّعَى عليه (٨).

فإن قلت: ففيما فيه يقبل التدارك من الشَّاهد، سواءٌ كان عند اتحاد المجلس أو بعد اختلافه، في أيِّ وقت فرض صورة المسألة قبل القضاء بتلك الشَّهادة التي وقع الغلط فيها أم بعد القضاء.

قلت: أما في حقِّ ترك لفظة الشَّهادة لا يتصوَّر أن يكون بعد القضاء؛ إذ من شرط القضاء أن [يشهد] (٩) الشَّاهد بلفظ: أشهد، والمشروط لا يتحقق بدون شرطه، ولو وقع القضاء مع ذلك لا يكون [ذلك] (١٠) قضاءً؛ لأن قضائه عند شهادة الشُّهود مبني على شهادتهم، فإذا لم تكن شهادتهم شهادة لا يكون قضاؤه قضاءً أيضاً.


(١) الهداية (٣/ ١٢٥).
(٢) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٦).
(٣) الهداية (٣/ ١٢٥).
(٤) في «ج»: [فيه].
(٥) سقط من: «ج».
(٦) الهداية (٣/ ١٢٥).
(٧) في «س»: [الإشارة].
(٨) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٦)، درر الحكام (٢/ ٣٨٣).
(٩) في «ج»: [تشهد].
(١٠) سقط من: «ج».