للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[إقرار الغاصب في حق المشتري]]

وذكر في «المبسوط» (١) (وإن كان الغاصب للدار باعها وسلّمها، ثم أقرّ بذلك) وليس لرب الدار بيّنة، فإقراره في حق المشتري باطل؛ لأن المشتري صار مالكًا بالشراء من حيث الظاهر، فلا يُقبل قول البائع في إبطال ملكه، ثم لا ضمان على الغاصب للمالك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر؛ لأنه مقرّ على نفسه بالغصب؛ فإنّ البيع والتسليم غصب، والغصب الموجب للضمان عندهما لا يتحقق في العقار) سواء كان بالقول أو بالفعل.

فإن قلتَ: يُشكل على هذا مسألة الشهادة التي مرت، وهي: (أن الشهود إذا شهدوا بدار لإنسان، وقضى القاضي بها، ثم رجعوا ضَمِنوا قيمتها للمشهود عليه بالاتفاق) (٢)، ولم يَضمن البائع بالبيع (٣) والتسليم عندهما (٤)، فما الفرق بينهما مع أنّ الإتلاف بالقول شامل في الصورتين؟.

[[رجوع الشهود عن الشهادة]]

قلتُ: الفرق بينهما هو أن الإتلاف في مسألة الشهادة يتحقق على وجه لا يمكن نقضه؛ لأنّ من صار مقضيًا عليه/ في حادثة لا يصير مقضيًّا له في تلك الحادثة (٥)، وفي البيع لا يتحقق على (٦) هذا الوجه وذكر في «المبسوط» (٧) (أن مسألة الشهادة على قول محمد وقيل: بل على قولهم جميعًا، ثم قال والفرق بين الفصلين لهما أن هناك أي: في مسألة الشهادة إتلاف الملك على المشهود عليه قد حصل بشهادتهما حتّى لو أقام البينة على الملك لنفسه لا تقبل (٨) بينته، والعقار يُضمن بالإتلاف، وههنا أي: في البيع إتلاف الملك لم يحصل بالبيع والتسليم، بل بعجز المالك عن إثبات ملكه [ببينته ألا ترى] (٩) أنه لو أقام البيّنة على أنها ملكه قُضي له بها؛ فلهذا لا يكون الغاصب ضامنًا)، [وكذلك الأصح في جحود الوديعة لا يكون ضامنًا] (١٠) عندهما (١١) خلافًا لمحمد وقد مرّ (١٢)، وقوله (وهو الصحيح) يَحتمل أن يكون احترازًا عن قول بعضهم بأنّ في مسألة البيع والتسليم الضّمان على البائع بالاتفاق، ولكن لم يُورد ذلك القول في «المبسوط» (١٣) و «الإيضاح» (١٤) بل ذكر اختلاف الرواية في مسألة البيع والتسليم.


(١) للسرخسي (١١/ ٧٦).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٦)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٢٦).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٥٦)، بدائع الصنائع (٧/ ١٤٤).
(٥) انظر: المحيط البرهاني (٩/ ٢١٥)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٠٩).
(٦) سقطت في (ع).
(٧) للسرخسي (١١/ ٧٦).
(٨) في (ع): (يضمن) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٦).
(٩) في (أ): (بنفسه الإتيان) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٦).
(١٠) سقطت في (ع).
(١١) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٦)، المحيط البرهاني (٥/ ٥٣٧).
(١٢) راجع، ص ().
(١٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٦).
(١٤) قال الكاساني: (وحكى ابن سماعة عن محمد- رحمهما الله- الخلاف: أن على قول أبي حنيفة- رحمه الله- إن شاء ضمن المشتري قيمتها يوم القبض ألفي درهم، وإن شاء ضمن الغاصب قيمتها يوم الغصب ألف درهم، وليس له أن يضمنه زيادة بالبيع والتسليم) بدائع الصنائع (٧/ ١٤٣).